الأكاذيب التي تطلق في الإعلام طوال السنة قد غطت على كذبة أبريل
لم يعد الأول من شهر أبريل/ نيسان من كل عام، لإطلاق كذبة تسمى باسمه، فقد أصبحت كل أيام السنة من كثرة الأكاذيب التي نسمعها الأول من أبريل، فلم تعد شهور السنة تتفاخر على شهر أبريل، بخلوها من الكذب. إن التطور التكنولوجي وتنوع وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة الفضائيات والوسائل الإعلامية والمصادر الإخبارية، جعل كل أيامها مليئة بالأخبار الكاذبة والقصص والحكايات غير الواقعية، وجلها تختم بعبارة (كما وصلني)، حتى أصبح الكثير من الشعوب، العربية والإسلامية والغربية، يشككون في صحة الكثير من الأخبار والتقارير السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي يسمعونها طوال السنة وعلى مدار الساعة.
فهناك فضائيات وإذاعات وصحف ومجلات في عالمنا الفسيح، تتعمد الكذب على الرأي العام، وتصر على الاستمرار في هذا النهج المستقبح لدى العقلاء، وكأنها تقول لنفسها اكذبي ثم اكذبي حتى يصدقك الناس، لا أحد يستطيع أن ينفي وجودها، ولا ينفي تأثيرها السلبي على ثقافة وفكر وأخلاق وسلوك بعض شباب وشابات وأطفال المجتمعات العربية والإسلامية، والمصيبة إذا ما وصل الحال بالأفراد أوالجهات التي تطلق الأكاذيب والافتراءات إلى تصديق أكاذيبها، فالفتن والصراعات والنزاعات والملاسنات، الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية، تبدأ في الغالب بكذبة، أتقن صنّاعها تصويرها بأنها عين الحقيقة، فالشعوب التي لا تقرأ ولا تبحث ولا تتحقق من صحة الأخبار والتقارير التي تصلها عبر وسائط التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل الإعلامية، تكون فريسة للأكاذيب التي تطلقها.
فالمشاهد للفضائيات والمستمع للإذاعات والقارئ للصحف والمجلات، جميعهم لا يجدون في الكثير في تلك الوسائل من البرامج والمقالات إلا القليل القليل من السمين، والكثير الكثير من الغث، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، فالكثير من المحطات الفضائية والإذاعات الناطقة باللغة العربية، التي تنفق الجهات الممولة لها الأموال الكثيرة، وتبذل الجهود الكبيرة وتوفر الإمكانات المتطورة، من أجل تسخير بثها طوال الليل والنهار في ترويج الأكاذيب والافتراءات والقصص والحكايات الخيالية عبر برامجها البعيدة عن أبسط الأسس الأخلاقية والأدبية، فلو رجعنا إلى أصل هذا الحال الإعلامي المزري، نجد سببه ناتج عن قلة الحياء أولا، وانعدام الوازع الأخلاقي ثانيا، وانحدار الحالة النفسية ثالثا، والأنانية المفرطة رابعا، ولو كان هناك وازع ديني وأخلاقي لدى القائمين عليها لما وجدنا أحدا يفتري ويكذب على الآخرين بهذه السهولة، بمجرد أنهم يختلفون معهم في الرأي أو في الانتماء الطائفي أو المذهبي أو السياسي أو الاجتماعي، ولو لم يتوافر لديها التمويل الاقتصادي الكبير، ولم تسخر لها الإمكانات الكبيرة، لما استطاعت أن تستمر في بثها وإصداراتها حتى ليوم واحد، ولما تمكنت من تضليل البعض من الشباب العربي والمسلم، بعناوينها البراقة والرنانة الزائفة.
فكل الوسائل الإعلامية الهدامة والمثيرة للفتن بين أبناء الأمة الواحدة، تتلاشى قدرتها على التأثير السلبي في الثقافة الواعية، فهي لا تنتعش وتعشعش وتتوسع في تأثيرها، إلا في المجتمعات التي تجهل أهدافها الخبيثة والمشبوهة، يؤلمنا كثيرا ما نراه في الكثير من الدول العربية والإسلامية من تأثر الكثير من الشباب المسلم، بتلك الأكاذيب والخزعبلات والترهات والافتراءات التي تروجها، التي ليس لها أساس في الواقع، أن كل المصائب والبلايا وممارسات عمليات، القتل والذبح وهتك الأعراض وسلب الأموال وسبي النساء ونبش قبور الصالحين، وتدمير الحضارات الإنسانية، وتفجير السيارات المفخخة في أوساط الأسواق ودور العبادة، التي لم تعهدها قبل سنوات قليلة الأمتين العربية والإسلامية، والمصيبة الكبرى أن جميع كل تلك الانتهاكات التي مورست ضد البشر والحجر في السنوات الست الأخيرة، كانت تنفذ باسم الإسلام، هذا ما جعل الكثير من العقول الواعية في العالم الإسلامي تضع حولها علامات الاستفهام الكبيرة، وتحاول معرفة كل تفاصيل هذه الهجمة الشرسة المتعمدة على الإسلام الحنيف، الذي يدعو إلى الألفة والمودة والمحبة بين جميع البشر، بمختلف ألوانهم وطوائفهم وأعراقهم ومذاهبهم وتياراتهم السياسية والاجتماعية، ودائما يسألون عن المساندين والداعمين لها، اقتصاديا وإعلاميا، رغم أن هذه التساؤلات جاءت متأخرة جدا، وبعد خراب البصرة كما يقولون، إلا أن العقلاء يعتبرونها مهمة في وقتنا الحاضر، ولعل وعسى أن يكون لتلك الأصوات المستنكرة والمنددة بالأعمال والمماسارت الشنيعة التي تنفذ من أجل تشويه سمعة الإسلام العظيم في أعين الرأي العالم العالمي، نجد صداها واسعا في أوساط المجتمعات العربية والإسلامية، بعد تجمعها وتوحدها على كلمة واحدة، أن كل عمل ليس فيه رحمة ورأفة وتقدير للإنسان ولحضاراته الإنسانية ليس من الإسلام في شيء، وأن كل من ينسب تلك الأعمال الشريرة إلى الإسلام، فهو مفتر كذاب، على الله تعالى ورسوله المصطفى (ص)، الذي بعث رحمة للعالمين، وعلى جميع المذاهب الإسلامية المعتبرة، التي لم يجد الباحث والمؤرخ المنصف فيها إلا الدعوة الحقيقية إلى دين الله القيّم، بالتي هي أحسن ومن دون إكراه، نأمل أن تكون الأيام المقبلة أفضل من هذه الأيام، على أهل الإسلام وعلى الإنسانية جمعاء.