مدارس يفتقر طلابها وطالباتها إلى الرعاية الصحية حتى بالمستوى الأدنى
من المؤسف جداً أن ترى مدارس حكومية في الألفية الثالثة ليس فيها رعاية صحية للطلبة والطالبات ولو بالمستوى الأدنى، في أحد الأيام الدراسية تعرضت طالبة في إحدى المدارس الثانوية للبنات إلى الإغماء التام، وأصبحت عاجزة كلياً عن الحركة، وفقدت تماماً كل حواسها السمعية والبصرية، ولم تعد تشعر بما حولها، وظلت على هذا الحال مدة لا تقل عن ساعتين من الزمن، وبعد أن فقدت الأمل المشرفات الإداريات في المدرسة، اللاتي لا يمتلكن أية خبرة في التعامل مع مثل هذه الحالات في إفاقة الطالبة من الإغماء، اتصلت إدارة المدرسة بولي أمر الطالبة، لتخبره عن الوضع الصحي الحرج لابنته، وطلبت منه الحضور إلى المدرسة في أسرع وقت ممكن، وبعد حضوره تفاجأ بافتقار المدرسة لأبسط الرعاية الصحية، ليس فيها ممرضة، ولا تمتلك جهازاً لقياس مستوى السكر في الدم، ولا جهازاً لقياس مستوى ضغط الدم، وعندما سأل ولي أمر الطالبة المشرفة الإدارية، لماذا لا يوجد في المدرسة ممرضة؟ قالت، كان في السابق توجد ممرضة في المدرسة، وبعد نقلها من قبل الوزارة لم يتم تعيين غيرها حتى الآن، وعندما سألها عن الإجراءات التي قامت بها إدارة المدرسة في الساعتين التي سبقت الاتصال به، قالت، إنها حاولت إفاقة الطالبة ولم تفلح، واكتفت بوضعها على السرير حتى وصول ولي الأمر، وتقول إنها كانت تظن أن حالتها لن تطول مدتها إلى الحد الذي وصلت إليه، وسألها أيضاً، لماذا لم تطلب إدارة المدرسة سيارة الإسعاف لمعاينة وضع ابنته الصحي ونقلها إلى المستشفى للعلاج إذا ما تطلبت حالتها ذلك؟ ردت قائلة أن بعض أولياء الأمور يرفضون نقل بناتهم إلى المستشفى عبر سيارة الإسعاف.
بالتأكيد أننا لا يمكن أن نوجه اللوم إلى إدارة المدرسة التي اتضح لولي الأمر أنها ليس لديها أدنى دراية بالإجراءات المفروض القيام بها في مثل هذه الحالة، وليس لديها تواصل ولا تنسيق مع المركز الصحي بالمنطقة في حال حدوث أية مشكلات صحية خطيرة لأية طالبة من طالبات المدرسة، وهذا في حد ذاته يثير الدهشة والاستغراب، ولا ندري هل التعاون والتنسيق بين المدراس والمراكز الصحية يحتاج إلى أمر مباشر من وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة أم أنه لا يحتاج إلى ذلك؟ ما حدث للطالبة غير مقبول إطلاقاً بكل المعايير التربوية والصحية، من يتحمل المسئولية في حال حدوث أية تداعيات غير محمودة للطالبة بسبب انعدام أبسط المستلزمات الطبية في المدرسة؟ ولا ندري هل المدرسة أعلمت وزارة التربية والتعليم بحالها المتردي في الجانب الصحي أم لا؟ إن أعلمتها ولم تستجب الوزارة لطلبها، فهي مصيبة كبرى، وإن لم تعلمها، فالمصيبة أكبر.
لا يمكن لأحد يتوقع أن مدرسة عدد طالباتها يتجاوز الـ 900 طالبة، لا يوجد فيها ممرضات ولا أبسط المستلزمات الصحية.
لابد من توفير عيادة خاصة للرعاية الصحية في كل مدرسة لمعالجة بعض الأمراض الطارئة والبسيطة، والضرورة ملحة في تعيين ممرضين لمدارس البنين، وممرضات لمدارس البنات، ما يتناسب مع عدد الطلبة والطالبات، فمدرسة على سبيل المثال، عدد طالباتها يصل إلى 900 طالبة، تحتاج إلى ممرضتين على أقل تقدير، للقيام بمعالجة الحالات البسيطة والقيام بالإسعافات الأولية للحالات المتوسطة والخطيرة، ويكون من مهامها التنسيق والتعاون مع المراكز الصحية والمستشفيات في الجوانب الصحية.