في عيد العمال «نعم» و«لاءات»
في العام 2009 وفي مثل هذا اليوم الأول من مايو/ أيار (عيد العمال) أطلق الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين السابق سلمان السيدجعفر المحفوظ صرخات دوت، وحملت عمق المطالب العمالية في ذلك الوقت، هذه الصرخات ضمت 15 نَعَماً، جسدت حقيقة المطالب العمالية.
نعم للتصديق على معايير العمل الدولية، نعم للشراكة الاجتماعية، نعم للأجر العادل، نعم لاتفاقية 87، نعم لاتفاقية 98، نعم للحد الأدنى للأجور، نعم للعدالة الاجتماعية، نعم لعلاوة الغلاء، نعم لقانون عمل جديد، نعم لعلاوة الإسكان لكل المواطنين أسوة بالعمالة الأجنبية عالية المستوى، نعم للمساواة، نعم لحرية العمل النقابي دون تمييز، نعم لحقوق المرأة العاملة، نعم لإعادة المفرج عنهم إلى أعمالهم، نعم للتضامن العمالي العالمي.
ولكن ما الذي تحقق من هذه المطالب؟
لم يتغير شيء على عمال البحرين، إلا في استمرار صرف علاوة الغلاء، وصدور قانون عمل جديد لم يكن محل إجماع، انتقد كثيراً في بعض النصوص والمواد، مع فرض التعددية النقابية، وبمعايير ومقاييس مطاطية، بل نعتقد أن الأمور ساءت أكثر من السابق، وأصبحت الجهات الرسمية تتجه لتسريح المواطنين البحرينيين بحجج واهية، ولأسباب ودوافع سياسية، مما عمق المشكلة.
في قبال ذلك كان هناك أيضاً 13 «لا»، وهي: لا للتمييز على أساس الجنس والعرق والأصل واللون والطائفة والعقيدة والرأي السياسي، لا للأجر المجحف، لا للرواتب الخيالية للكبار والفتات للصغار، لا للفساد في «التأمينات» وفي كل مكان، لا لفصل العمال بذريعة الأزمة المالية، لا لتفتيت النقابات بذريعة التعددية، لا لوقف علاوة الغلاء، لا لمصادرة حرية العمل النقابي، لا للتعسف ضد النقابيين، لا لوقف أجر النقابيين في القطاع الحكومي، لا لتحميل العمال عبء الأزمة المالية، لا لتعطيل القوانين، لا لكل ما ينال من الوحدة العمالية.
ومع كل تلك اللاءات إلا أنها مازالت باقية ومستمراً برغبة واضحة، ومنها التمييز بين عمال البحرين في حق تشكيل النقابات العمالية، والفصل التعسفي للنقابيين وغيرها من القضايا الحساسة والمصيرية.
عيد العمال هذا العام، يأتي وسط «لاءات» كثيرة أهمها وأبرزها لا لمسيرة عيد العمال، وهي «لا» واضحة وصريحة للمسيرة «البروتوكولية» المعتادة في هذه المناسبة، والتي لا تحمل أي أبعاد سياسية أو غيرها، وكل تركيزها وشعاراتها ولافتاتها ذات أبعادٍ عمالية.
من بين «اللاءات» المهمة التي يجب على العمال استذكارها، والتشبث بها، والتأكيد عليها في كل فرصة ومناسبة، هي «لا» لتحميل العامل البحريني السياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومة والشركات وتبعات الأزمة المالية، و»لا» وبقوة لتفضيل الأجنبي على البحريني، و»لا» لتوظيف الأجنبي في ظل وجود البدائل البحرينية وقوائم الانتظار والعاطلين، و»لا» للتمييز بين المواطنين بحسب الفئات والمناطق وغيرها، و»لا» لغلق مؤسسات وجهات وجعلها حكراً لفئة على حساب فئة أخرى.
«نعم» لكل ما تحقق من تطبيق بنود الاتفاق الثلاثي بإرجاع المفصولين وحل قضايا التأمين الاجتماعي عن فترة الفصل، و»لا» واضحة لتجاهل قضايا بقية المفصولين وتركهم للتقادم والنسيان، فلا بد من إرجاع جميع المفصولين على خلفية الأحداث السياسية وعلى رأسهم المفصولون النقابيون بمن فيهم أولئك الذين فصلوا بعد توقيع الاتفاق الثلاثي، و»نعم» للدفاع عن حقهم في العودة وتعويضهم.
نقولها بقوة «لا» لقرار التمييز بين العمال البحرينيين والفصل بين العاملين في القطاع العام والخاص، و»لا» للتعميم رقم (1) لسنة 2003 الصادر من قبل ديوان الخدمة المدنية والذي يمنع تشكيل نقابات في القطاع الحكومي.
وفي ظل الازمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد، «نعم» لتشكيل مجلس أعلى اقتصادي اجتماعي يضم أطراف الانتاج الثلاثة لمناقشة كَافَّة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الوطني.
ومن أجل مستقبل أفضل للبحريني، ولكي يكون «أولوية حقيقية» لا مجرد شعارات ورقية، فـ»لا» لإلغاء نظام البحرنة الإلزامي، واستبداله بمشروع البحرنة الموازي القائم على وضع مزيد من الرسوم على توظيف الأجانب بديلا عن نسب البحرنة الإلزامية المخصصة لكل نشاط.
و»لا» لما تتعرض له قائمة 1912 من تهميش، وفصل بعد 7 سنوات «تدريب»! في مشهد يعكس لك حقيقة ما يحدث في البلاد بانعكاساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
«نعم» و»لاءات» كثيرة لكل ما يتعلق بهموم وقضايا العمل النقابي والعمالي لا يمكن حصرها وذكرها في مكان واحد، فالملفات كثيرة ومتشعبة، حلها يحتاج إلى إرادة وإيمان بأهمية وأولوية البحريني في كل شيء، دون تمييز أو تفرقة، ودون حسابات هذا معنا ومنا، وهذا ضدنا وليس من ملتنا، وبعيداً عن حسابات «الولاءات» للأفراد على حساب البلاد والعباد.