العدد 5338 بتاريخ 18-04-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


ماذا لو!

ما الذي سيحدث لو استيقظنا ذات صباح وعالمنا الصغير هنا في البحرين خالٍ من كل العمال الأجانب؟ الأسر العاملة ستستيقظ مبكراً لتجهيز الأبناء للمدارس وإعداد الفطور ولن يكون هناك سائق، فسيأخذ أحد الأبوين الأبناء إلى المدارس، وقد تتعطل شركات مواصلات المدراس لأن غالبية السواق أجانب.

عند الخروج من المنزل ستتطاير أمامنا أوراق الشجر ومعها مخلفات المارة والسوّاق في اليوم السابق من أكياس وعلب العصير والمشروبات الغازية والمحارم. وسيختفي عمال النظافة من الأحياء، وأصوات المكانس المتثاقلة والنظرات المستجدية كل صباح. لن يتسنى لمن نسى أن يشترى وجبات المدرسة الخفيفة أو علبة سجائر، أن يمر سريعاً على أي من محلات البقالة لأنها ستكون مغلقة. سيصل الجميع إلى مدارسهم وأعمالهم متأخرين.

سيقوم الموظفون من كراسيهم لإعداد الشاي والقهوة وتسخين السندويتشات وتوصيل المراسلات للمكاتب الأخرى.

غالبية المحلات التجارية لن تفتح أبوابها سواء في الشوارع التجارية أو المجمعات التجارية الكبرى، سيشعر بعض التجار أنه محظوظ لأنه وظّف بحرينيين على مضض في يوم من الأيام. ستتعرقل حركة الفنادق ممكن وظفت قلة من البحرينيين في طاقمها، بينما ستغلق الفنادق (الرخيصة) أبوابها بعد أن تخلو من عمّالها، وأيضاً زبائنها.

ستتوقف كل المشاريع الإنشائية أينما ترك عمالها أدواتهم في اليوم السابق، وكذلك ورش النجارة والحدادة وستتعطل عمليات المصانع.

وستكون غالبية فرشات بائعي السمك والخضراوات الفواكه بلا بائعين في الأسواق المركزية وعند زوايا الشوارع. سيختفي أيضاً الباعة الجائلون الذين يدفعون أمامهم حافظات البرودة البلاستيكية ويطرقون أبواب المنازل لبيع الأسماك والروبيان حتى في مواسم المنع والحظر.

ستغلق كل محلات الخياطة النسائية والرجالية أبوابها وكذلك صالونات التجميل النسائية ومحلات المساج وتقليم الأظافر المنتشرة. وقد يبقى في بعضها، البحرينية الوحيدة، موظفة الاستقبال، وستنتفي الحاجة لها في غياب خبيرات التجميل أصلاً من الصالونات. وسيحتار الرجال ليلة الأحد بحثاً عن بديل للحلاقين الذين يقدمون خدمات الحلاقة وبعضاً من مساج الكتف والرقبة بأسعار زهيدة. سيغطي السيارات الغبار وهي تسير في الشارع فلن يكون هناك من يتعاقد لغسل السيارة يومياً بـ 10 دينار شهرياً.

وستخلو الشوارع من سيارات نقل العمال الكبيرة، ولن نرى مناظر العمال متكدسين فيها مع الشروق وعند الغروب ورؤوسهم تسقط على صدورهم تعباً.

سيختفي الباحثون في القمامة عن مخلفات قابلة للتدوير، وفي المساء سيختفي منظر الأشخاص المنهكين الذي يدفعون أمامهم عربات تشبه الأقفاص الحديد، وبها مخلفات الأوراق وعلب (الكارتون)، ربما كان هؤلاء يقومون بذلك كعمل إضافي.

لن تكون هناك تجمعات مركزية في كل المناطق لأشخاص متنوعي المهارات، وستتعطل أعمال السباكة والنجارة والأعمال الكهربائية والصباغة التي يقوم بها هؤلاء في حال الطوارئ في المنازل. وستصبح مياه برك السباحة خضراء لتوقّف عمليات تنظيفها وصيانتها.

لن نرى في الشوارع دراجات نارية بصناديق توصيل طلبات الوجبات للبيوت والأعمال، وسيجلب الموظفون وجباتهم من المنزل، وقد لا يتسنى لنا تناول الغداء أو العشاء في المطاعم، وقد نقطع أميالاً طويلة لنصل إلى مقاهٍ أبقاها عمالها البحرينيون على قيد الحياة.

ستطول الحشائش في الحدائق وتتشعث أغصان الشجر في الشوارع وفي البيوت، وقد يموت بعضها لحرمانها من الري والعناية. وقد يفضل البعض مد المسطحات الأسمنتية في البيوت بدلاً من اللون الأخضر.

لن نرى الموج البشري الأجنبي في أيام الإجازات في أماكن التجمعات في سوق المنامة وفي سوق المحرق وفي أماكن التجمع في مناطق مختلفة في مملكتنا الصغيرة.

سيصاب تجار البشر بالانهيار لفقدهم مصدر دخلهم الملوّث بعرق الفقراء.

سيكون هذا اليوم الذي نستيقظ فيه وقد غاب فيه مشغلو كل هذه الأنشطة والأعمال كالكابوس، فأعمال كثيرة ستتعطل في كل القطاعات، وتتعطل معها جوانب كثيرة من حياتنا، لكن سيكون على الحياة أن تستمر، وحينها ستضبط الأسر ساعتها أبكر قليلاً، وستعلّم الأمهات الأبناء ألا يتركوا غرفهم قبل ترتيب الفراش، وسيتعلم أفراد الأسرة إبقاء المكان نظيفاً ومرتباً بعد استخدامه وسيتعاون الجميع للتنظيف، وستنتعش مبيعات غسالات الصحون وأجهزة الطبخ السريع الإلكترونية، قد يتأسف البعض للبيوت الكبيرة التي سيصبح تنظيفها وصيانتها عبئاً، وقد يضطر البعض لإغلاق أجزاء منها أو إعادة هندسته والإبقاء على الجزء المستخدم فقط.

لن تكون لدى الناس أوقات فراغ ليضيعوها بالانشغال بالهاتف النقال وفي إرسال وإعادة إرسال رسائل (الواتساب).

ستنتعش دور الحضانات لكل الأعمار، وتغيّر جداول عملها وساعاتها، فلن تغلق أبوابها وتصرف الأطفال عند الساعة الثانية عشرة، بينما مواعيد الانصراف من الأعمال يصل أحياناً إلى الخامسة.

سيضطر التجار وأصحاب الشركات والمصانع وحتى المقاولون لتوظيف البحرينيين ولأتمتة ما يمكن أتمتته لتوفير الوقت والمال على المدى الطويل.

سيضيق الناس بحالة الفوضى الخارجية، فيتوقفوا عن رمي المخلفات في الشارع، وسيحرص أصحاب البيوت على وضع القمامة في داخل الحاويات المخصصة لها؛ لأن إلقاءها بجانبها قد يغري قطط الشارع لتمزيق الكيس ونثر القمامة أمام المنزل، ولن يكون هناك من يكنسها فيما بعد.

ستبحث المصانع والشركات عن موظفين يسيرون أمورها، وسيخلص أصحابها في تدريب العاملين البحرينيين الجدد الذين لا خيار غيرهم، وستنتعش معاهد التدريب وتعاد هندسة الأعمال، وسيتم تبنى الأساليب والأدوات الحديثة لجودة أعلى وتكاليف أقل. كذلك ستفعل المحلات التجارية.

سنكون بذلك قريبين في سلوكنا الحياتي من شعوب كثيرة بلغت درجة التحضر بالتدريج، ولم تسقط عليها الثروة من السماء أو تنفجر تحت أقدامها كنوز الذهب الأسود، فجأة. هذه الشعوب أيضاً، في الشرق والغرب، تستعين بعمالة منخفضة التكاليف والدخل أيضاً تقوم ببعض الأعمال وخصوصاً تلك التي لاتزال بحاجة أن تنجز يدوياً، لكنها تنظم الاستفادة منها بقوانين عمالية وحقوقية تضمن لها مستوى إنسانياً ومعيشياً لائقاً يقيها شر المستغلين وتجار البشر، فتكون الاستفادة منها أيضاً مقننة وكلفتها تتناسب مع الخدمات التي تقدمها.

تنتابني حالة من الارتباك كلما حان موعد سفر العاملة المنزلية في بيتي، أو طرأ طارئ في بلدها يتطلب سفرها الفوري. فكيف لو استيقظ شعب على غياب أكثر من نصفه الذي يهدف وجوده أصلاً لتسهيل حياة النصف الأول. هذا الارتباط مرده أننا أفرطنا في الاعتماد على من يقوم بأعمالنا بدلاً عنا. حتى أصبحنا تلك الأمة التي حذرها جبران خليل جبران في مقولته «ويل لأمة تلبس مما لا تنسج وتأكل مما لا تزرع وتشرب مما لا تعصر».



أضف تعليق



التعليقات 15
زائر 1 | 11:40 م ياريت
عشان تصير البحرين للبحرينين .. زرت إيران شوفت تطورهم أن الشعب يشتغل بكل شغله مافي أجانب وهم مطورين لدرجه ماتتصورونها رد على تعليق
زائر 3 | 12:04 ص صحيح بس بلده هيابه الراتب و المعيش تكفيهم والعمله نازله اي تجنبي يرضى يصارع الفقر في ايران حبيبي .. الخليج الكويت والامارات و الغير فيها خير
زائر 2 | 11:59 م تسفير الاجانب هكذا دفعة واحدة (على سبيل الافتراض) سيعادل تفنيش ثلث البحرينيين من أعمالهم لأن وراء كل برادة وخباز وحلاق عائلة بحرينية ترتزق من كد هؤلاء الأجانب. رد على تعليق
زائر 4 | 12:43 ص وجود الأجانب في كل بلد ضروري لكنه يجب ان يحكم بقوانين وضوابط صارمة لا أن يترك الباب مفتوح على مصراعيه في بلد صغير مثل البحرين وينتظر المجتمع حتى تحدث مشاكل بل كوارث ثم يتمّ التحرّك .
ما هكذا يدار ملفّ مهمّ مثل ملف الأجانب الحبل على الغارب والكل ينشد مصلحته الشخصية دون أي اعتبار لمصلحة المجتمع وما سيلحق بالبلد من دمار في المستقبل.
نحن نعرف ان بلادنا لا تمشي وفق مخطط ووفق ارقام احصائية انما نحن ماضون حسب البركة حتى يقع الفأس في الرأس وتحدث الكوارث وحينها قوم فجج رد على تعليق
زائر 5 | 1:30 ص محد قال أنهم مهب مهمين...لكن الشي اذا زاد عن حده أنقلب ضده....البلد تعاني من فيضان الأجانب أللي ينافسون البحرينيين في كل شي بشكل غير قانوني....يجب وضع حل وأللي ماتحتاجه البلد يجب ترجيعه لديرته... رد على تعليق
زائر 6 | 1:34 ص نشابك حياة البشر افراد مجتمعات و دول مثل صندق تعديل سرعة المركبة(الجير) لا يمكن الاستغناء عن اي قرص او تقليل من اهميته بل على العكس زيادة او نقصان في عدد التروس او الاقراص يؤدي الى خلخله في المسير
الدول الغنية محتاجة للدول الفقيرة لتتفرغ الى تطوير مواردها البشرية و المهنية و الدول الفقيرة محتاجة للاموال للخروج من الفقر المؤلم الدول الكبرى محتاجة الى الدول الغنية في تغذية التكنولوجيا و استقطاب العقول الخلاقة و هلم جرة
الانانية و الطمع و الفساد هو ما يفسد عمل حياة البشر
د. حسن الصددي رد على تعليق
زائر 7 | 1:56 ص سبلام الله على آبائنا واجدادنا زمان يشتغلون جميع الاشغال في الزراعة والبحر والبلدية والنخيل والكل قلبه على بعض الحين لو بحريني يفتح له دكان او برادة ولا بخلي فيها اسيوي محد امر صوبه النفوس اتبدلت رد على تعليق
زائر 8 | 2:44 ص البلد لا يحتاج الى اكثر من 10% من عدد العمالة الاجنبية الموجودة حاليا رد على تعليق
زائر 9 | 2:49 ص هناك اعمال معينة تحتاج لوجود الاجانب ولكنها قليلة وضرورية، أما أن يكون في البلد هذا العدد الكبير من الاجانب من دون أي داعي فهنا تكمن المشكلة.
التخلص من الأعداد الغير ضرورية والغير نافعة من الاجانب سيحل العديد من المشكلات في البلد وخاصة زحمة الشوارع ووفرة السكن . رد على تعليق
زائر 15 | 6:37 ص والوظائف أيضاً
زائر 10 | 3:47 ص ماذا عن الذين يفتحون شركات وهمية لجلب كهربائيين ونجارين وسباكين من شرق آسيا مقابل 1500 دينار لكل فيزا؟ البحرين بها عدد معين من محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه وعدد معين من الطرق والشوارع والجسور ورقعة أراضي محدودة حتى أصبحنا نعيش كالفئران مكدسين في شقق على بعضنا البعض، وهناك من ضحكوا عليه وقالوا له التنمية الإقتصادية تعني أن نصبح كدبي، 80% من السكان أجانب والمواطنين أقلية لا تكاد أن ترى بالعين المجردة! رد على تعليق
زائر 11 | 3:56 ص يجب إعادة النظر في تعريف التنمية. في قريتي البسيطة الواقعة على شارع البديع لاحظت تغيراً لم أعهده قبل 15 سنة ... لاحظت أن هناك أصبحت مطاعم وبرادات مخصصة لخدمة فقط أولئك العمال القادمين من شرق آسيا ... أصبحت هناك أحياء خاصة بهؤلاء العمال، بنايات (جديدة) يقطنها فقط أولئك الأجانب! لا أحتاج للحديث عن المنامة، فهي أصبحت مثالاً يختزل ما أحب أن أصفه بالمدن الإبليسية، مدن خاوية من أي روح أو معنى ... يكفيك أن تذهب الآن إلى باب البحرين وترى بأم عينك كيف أصبحت المنامة نسخة طبق الأصل من كلكتا ونيودلهي ودكا. رد على تعليق
زائر 13 | 4:07 ص النموذج الأنجلوساكسوني للتنمية بدأ بتجاربه الشيطانية في سنغافورا وهونج كونج، صناعات مالية ومدن مكتظة وعمالة وافدة ورخيصة! هذا هو تعريف التنمية الحديث... الطفيلية في أبهى صورها أصبحت تعريفاً للتنمية. رد على تعليق
زائر 16 | 7:11 ص احلام اليقظه واحلام النوم
نسج الخيال واحلام تختلف اختلافا جذريا عن الامل والواقع المر لشعب اغلبه او اكثره مني بالرفاهيه التي تكون قوامها بين الا اسراف والا اقتار. فتضييع الوقت في القراءة او التسمر امام شاشة التلفاز او اليوم عبود اي الهاتف الغبي. فهل سنرتقي إلى ما دون الدابه او البهيمه التي همها علفها ? رد على تعليق
زائر 19 | 1:31 م أتخيل بصير كأنه يوم المحشر .... هه رد على تعليق