العدد 5334 بتاريخ 14-04-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


في اكتشاف الحكمة على الأرض

الشعر في مأزق. الرواية في مأزق. القصة القصيرة في مأزق. النقد في مأزق. السينما في مأزق. الدراما في مأزق. المسرح في مأزق. الفن التشكيلي في مأزق. الموسيقى في مأزق. الاقتصاد في مأزق. التربية في مأزق. التعليم في مأزق؟ الذوق والأخلاق في مأزق. العلاقات في مأزق. ويتغاضون عن الحياة في مأزقها، عربياً.

***

من ينتظر ثناء على جهد في الفضاء الثقافي كمن ينتظر مفتاحاً يسقط عليه في زنزانته ذات اعتقال.

دورك في الحياة أن تعيد اكتشاف وتركيب وصوغ ما سبقك إليه الآخرون. تلك الإعادة فيها شيء من الإهانة غير المُعلنة لمن سبقك، لن يصمتوا عنها طويلاً إذا تحقَّقت إعادة الاكتشاف، بمحاولات أخرى لإعادة الاكتشاف والتركيب والصوغ من طرفهم ثانية؛ وقد تأتيك في صور تسفيه وتخوين وحتى تكفير. تلك الصور هي منفذ آخر لإعادة اكتشاف السلوك البشري الآخذ في الانحطاط والتردِّي.

***

ما لم توفره المنابر والصفحات الثقافية للأصوات الشابة، ممن يُتوسَّم فيها مشاريع إبداعية واعدة، وفَّرتْه منصَّات التواصل الاجتماعي. تلك المنصَّات صارت متابعتها تبدو على مدار الساعة وبالتناوب، أكثر من كونها يومية أو أسبوعية، رصداً سيكرِّسها ويثبِّت مكانها قريباً في المشهد الإبداعي لكل قطْر ودولة.

الشرعية التي كان يستمدُّها جيلنا من خلال الصفحات الثقافية، لم يعد لها مكان اليوم، أو على الأقل، ذلك التأثير اليومي بتوافر البدائل الصديقة والحميمة واقعاً. أقول صديقة لأنك لن تواجه دوراً مدرسياً وأبوياً مصطنعاً ومكابراً عبْر الهاتف أو عبْر البريد الإلكتروني، فيه من الادِّعاء والتسفيه الشيء الكثير أحياناً.

هذا زمن الفضاء المفتوح على المعرفة والموهبة، لا الزمن الذي يتحكَّم فيه محرِّر يُدخل إلى جنة الحضور من يشاء، ويزجُّ بمن يشاء إلى جهنم العاقبة.

***

معارض الكتب، في كثير من الأحيان، وفي الدول التي تحوَّلت فيها الرقابة إلى عقيدة، هي بمثابة منصَّات لتجميل البشاعة والقبح. في المعارض نفسها تتركَّز المصادرة والفرز والاصطفاف والنبذ والإقصاء. معارض كتلك تكون بمثابة طُعْم وغواية فادحة في رداءتها بتمرير ما يُراد تمريره، وضمن مصادرة وفرز واصطفاف ونبْذ وإقصاء، في منطلقاته الأولى.

كيف يتأتَّى للإنسان أن يكون له حق في المعرفة والثقافة ضمن خياراته في ظل هوَس رقابي كالذي نشهد؟!

***

هذه الأرض لم تُترك رئتها في حال سبيلها. محاصرة بالكربون والأبخرة السامة، واضطراد في صناعة التلوث. في الطرف الآخر، تتغنَّى أمم لأنها حققت مستويات تُحسد عليها في ضمان حقوق الإنسان. هذا الإنسان لا يعيش في كبسولة، أو في قاع المحيط، والذي لم يسْلم هو الآخر من النفايات السامة. هذا الإنسان لا يعيش خارج هذا الكوكب كي يتم مثل ذلك التغنِّي وبثقة خليعة. كل ما يحيط بالإنسان يعجِّل في موته، وإذا أضفنا إلى ذلك مستويات التلوث في القمع والمصادرات والكبت والرقابة، نسأل: ما الذي يجعل هذا الكوكب صالحاً للاستعمال أساساً؟!

***

الروائي الأميركي كريستوفر سكوتون في روايته الأولى «الحكمة السريَّة للأرض»، يبحث «تاريخ تلك الحكمة على الأرض»، وإن بدتْ في مجالها السريِّ، فيما يمكن أن نستشفَّه من عنوان الرواية؛ ولكنها ليست كذلك. إنها في صغير التفاصيل وكبيرها المكشوفة أمام العالم؛ بالفعل وردِّ الفعل. محاولة العبث بتفاصيل الأرض. قمم... جبال يُراد تسويتها بالأرض... العبث بها؛ أو نهب ما تحويها. الأرض أيضاً لا تستوي من دون العالي فيها ومنها. أمراض تتسلَّل إلى أجساد بشر بفعل مناجم الفحم. الأورام تحديداً. عبث لا يتوقف. ابتزاز بشر كي يتركوا بيوتهم ومناطقهم. محاولة لتغيير ملامح الأرض باقتلاعهم منها. ثمَّة من يفعل ذلك اليوم، وفي كل مكان. ثمة من سيفعل ذلك غداً أيضاً. تلك النوعية من البشر لن يخلوَ منها العالم.



أضف تعليق



التعليقات 1
زائر 1 | 12:46 ص الرقابة افقدت الانسان العربي أهم ميزة فضّل الله بها بني البشر وكرّمهم ومن اجلها تحمّل امانة التي ابت السماوات والأرض ان يحملنها واشفقن منها فحملها الانسان.
هذه الأمانة حين تصبح الرقابة تحسب على الانسان المبدع انفاسه فإن الرقابة تقتل الابداع وتقتل المواهب وتقتل التطوّر وتجعل من الشعوب عالة على الامم . يقول المثل لا تحكي لي ببكي لك رد على تعليق