بين نبذ خطاب الكراهية والدفاع عنه
في السابع من الشهر الجاري أصدر مقرران في الأمم المتحدة بياناً يدعو القيادات الدينية للردّ على كل خطاب تحريضي يدعو إلى الكراهية ونبذ الآخر، ودعم الحقوق الأساسية لجميع الأشخاص.
وجاء في البيان الذي أصدره مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الدين والإيمان أحمد شهيد، والمقرّر الخاص المعني بعمليات القتل خارج نطاق القضاء أغس كالامارد، بشأن دور الطوائف الدينية وقاداتها وأتباعها في مواجهة الدعوة إلى الكراهية الدينية، التي تشكل تحريضاً على العنف والتمييز والعداء: «يجب على القيادات الدينية أن تكون مستعدةً للرد على كل خطاب تحريض، بما في ذلك تلك التي تحدث في إطار مجتمع دينهم».
قبل ذلك بيومين وخلال حلقة حوارية عقدت في مقر جمعية العمل الديمقراطي «وعد»، طالب الباحث الإجتماعي والقيادي في جمعية «وعد» عبدالله جناحي بتنقيح مناهج التربية الإسلامية التي تُدرّس في مدارسنا، مشيراً إلى أن «مناهج مادة التربية الإسلامية في المدارس الحكومية تتعارض مع قيم التسامح والتعددية والدولة المدنية».
وذكر أن «أكثر عنوان بارز لعدم وجود تسامح في القطاع التعليمي هو وجود معهدين سني وجعفري، حيث ظلّ المعهد السني يعمل لعقود لوحده، إلى أن تولى جلالة الملك الحكم، وتم الإعلان من قبل وزير التربية والتعليم في العام 2001 تهيئة الأمور لتدريس المذاهب الخمسة حيث تم الترحيب بهذه الخطوة واعتبرت خطوة تؤدي إلى التسامح، ولكن بعد 6 أشهر من هذا الإعلان، تراجعت الوزارة عن تدريس المذاهب الخمسة وتم الإعلان عن تأسيس المعهد الجعفري مقابل المعهد السني».
وقال جناحي: «هناك كتاب للتربية الإسلامية يدرس للمرحلة الثانوية اسمه الإسلام والقضايا المعاصرة، يؤكد على عقوبات كقطع يد السارق وغيرها من العقوبات الجسدية ما يتعارض مع قيم حقوق الإنسان... لقد تم خلق وعي لدى الطالب لكي لا يحترم القوانين الوضعية، وأنه يجب ألا يحترم إلا القانون الديني، وبالتالي فإن هذا التوجه يدفع الطالب لعدم احترام القوانين الوضعية المدنية ويؤدي إلى تشويه أفكار الطلبة».
ما قاله جناحي أغاظ الكثيرين من يدعون لتغليب خطاب الكراهية ونشر التفرقة في المجتمع، ولذلك هدّد أحد النواب السلفيين برفع دعوى قضائية ضد الباحث جناحي بحجة أن دعواته لتغيير مناهج التربية الإسلامية بما يتماشى مع قيم المحبة والتسامح إنما هو محاربة للدين الإسلامي، وأن جناحي «يدعو إلى أفكار وتوجهات هدامة يسعى من خلالها لتحقيق أجندته الخاصة»!
على الرغم من خطاب الكراهية المفضوح والمنتشر في مختلف وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، فإن من ينشر هذا الخطاب لا يقر بما تقترف يداه من تشطيرٍ متعمدٍ للمجتمع، وينفي عن نفسه تهمة التحريض على الآخر، ومع ذلك فإن الأمر لا يحتاج إلى كثيرٍ من الفحص أو التمحيص للتمييز بين من يحارب حرية الرأي والتعبير ويطالب بفتح المزيد من السجون والمعتقلات، وبين من ينشر الفكر المتسامح وقيم الحب والمساواة والديمقراطية.