إلغاء نظام الكفيل
حسب التصريحات الرسمية، فإن البحرين ستبدأ في إلغاء نظام الكفيل مطلع شهر أبريل/ نيسان الجاري وتطبيق نظام عمل جديد على جميع العاملين الأجانب بشكل تدريجي، من خلال منح 48 ألف عامل رخصةً تخولهم العمل بصورة نظامية، بعدها سيتم إعطاء كل شهر 2000 عامل مثل هذه الرخصة. وحسب نظام العمل الجديد، فإن العامل سيكون مسئولاً أمام القانون عن وضعه، إذ سيدفع تكاليف التأمين الصحي والاجتماعي وتصريح العمل والإقامة وتذكرة العودة، وسيكون بإمكان المهاجرين في البحرين العمل بدون كفيل، والتنقل بين مؤسسة أو شركة أو فرد بنظام التعاقد المباشر. وعلى رغم ما يشوب القانون الجديد من نقص وثغرات، إلا أنه يسير في الاتجاه الصحيح لإصلاح سوق العمل وتكافؤ الفرص بين المواطنين والمهاجرين .
بالطبع مثل هذا القرار سيكون مؤلماً خصوصاً لأصحاب العمل بجميع مستوياتهم من التجار الكبار أو أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومع ذلك لابد من البدء بشكل أو بآخر بإصلاح الوضع الخاطئ الذي أصبح مع مرور السنين عرفاً يحكم علاقات العمل في دولنا الخليجية التي انفردت دون بقية دول العالم، باستحداث مثل هذا النظام مع بداية الطفرة النفطية في سبعينات القرن الماضي. فلا توجد دول أخرى غير الدول الخليجية تعمل بمثل هذا النظام الذي تعتريه الكثير من المشاكل سواءً بالنسبة للعمالة المهاجرة أو صاحب العمل أو حتى المواطنين من الشباب الذين يطمحون في الحصول على وظائف مجزية.
أغلب التشوّهات الحاصلة الآن في سوق العمل كانت نتيجةً مباشرةً لنظام الكفيل، فبخلاف «تجار الفري فيزا» الذين استغلوا هذا النظام أسوأ استغلال وأثرَوا ثراءً فاحشاً من تحصيل بيع «الفيز» وتجديدها من عمال فقراء يكدحون ليل نهار لتحصيل لقمة عيشهم، فهناك ظاهرة التوظيف الوهمي للبحرينيين من أجل استقدام المزيد من العمالة المهاجرة. وهناك العمالة السائبة أو غير النظامية التي تضيف المزيد من التشوهات لسوق العمل وتنافس المقاولين الصغار في أعمالهم. وهناك التأجير من الباطن لأغلب الأنشطة التجارية والحرفية الصغيرة للعمالة المهاجرة، وهنالك البطالة المتفشية بين أبناء الشعب البحريني، وهنالك شح الوظائف المعروضة في سوق العمل. وحقيقة أن أكثر من 95 في المئة من الوظائف التي يخلقها سوق العمل في البحرين سواءً متدنية الرواتب أو الوظائف ذات الرواتب العالية تذهب إلى الأجانب، والأهم من ذلك كله تغيير التركيبة السكانية في جميع الدول الخليجية حيث أصبح المواطنون هم الأقلية في أوطانهم.
إن إلغاء نظام الكفيل لابد أن تتبعه خطوات لاحقة في مقدمتها تحديد سقف أعلى لعدد العمالة المهاجرة بناءً على ما تحتاجه الدولة منها، وأن تكون الدولة هي المسئولة عن استقدام أي عامل أجنبي وليس صاحب الشركة أو المؤسسة، والقضاء على ظاهرة العمالة السائبة... عندها يمكن أن يكون البحريني هو المفضل لدى صاحب العمل.