استراتيجية التجنيس المتبعة وأثرها على المواطنية
فليكن واضحاً أن من اكتسب الجنسية أو من استحصلها أو من مُنِحَ إياها بحسب اشتراطات القانون، وتوسل من تجنس في ذلك الإجراءات القانونية، ولم تكن دوافعه تخرج عن حاجة ملحة للاستيطان، فلا غبار على حقه فيها، ووجب ألا يُضام.
ومن المهم بدءاً التفريق بين الاكتساب الطبيعي للجنسية، بطريق الولادة لأب عن جد مواطنين، سواء كانت الولادة في الوطن أو في بلد غربة، وخاصة ما جاء منه تطبيقاً للإعلان رقم 20/1356 الصادر في 8 مايو/ أيار 1937، بشأن الجنسية البحرينية، وكذلك امتداداً لقانون الجنسية البحرينية (المعدل) للعام 1963، هذا الاكتساب الذي هو الحق الطبيعي الذي لا يُمس ولا يَقبل الجدل، وبين استحصالها عن طريق المنح، وفقاً لطلبها من قبل المعني و/أو منحها له من قبل سلطة الدولة المختصة، بناءً على استيفاء شروط استحقاقها القانونية، وارتباطاً بمراحل تلك الاستحقاقات القانونية المختلفة، ففي الأول الكمال الرفيع بعيداً عن احتمال الشك، الذي قد يطال (ولكنه لا يَلزَم) حقوقية المنح.
وكذلك يتوجب التفريق بين حالتي المنح بناءً على الطلب المستوفي لشروطه وشروط استحقاق المنح، وبين خلاف ونقصان ذلك، وكذلك التمييز في المنح أو المنع، بناءً على غير شروط الاستحقاق.
والواجب أن تصفى المواطنة، في اكتسابها الطبيعي وفي استحصالها بالتجنيس، في صفاتها القانونية والطبيعية، من غير أي أثر لأي دافع من التأثير فيها بالغلبة أو الضيم، لهذا أو ذاك من باب رجاحة غلبة شق شعبي معارض أو موالٍ لأية مؤسسة حكومية كانت.
ومن الملاحظ في بعض القنوات الإعلامية مجندين أو متجندين وكذلك نواباً جاهلون أو يتجاهلون قانونية وحقوقية أي تصرف منهم ومن غيرهم، يمس فرداً أو جماعة من المختلفين فكرياً أو سياسياً أو ايديولوجياً أو دينياً أو مذهبياً، فهم يعزفون على وتر استثارة كل مختلف إزاء خلافه، وذلك بالتغافل تعمداً عن نص القانون أو تشويه نصه على خلاف مقصود المشرع، نعطي مثالين لذلك...
مقدم برنامج في التلفزيون الرسمي يتهم صحافية كاتبة عمود في إحدى الصحف المحلية، بأنها حين تصنف المواطنين الى أصليين ومواطنين جدد، بأنها تؤجج الفرقة بين المواطنين، وهو المعني أي مقدم البرنامج، حين إعداد برنامجه أن يطلع أقلها على قانون الجنسية، فيتبين له ما يمنعه عن مثل هذا الاتهام مما يلي:
في قانون الجنسية المعدل للعام 1963، في صياغته النهائية بعد التعديل الأخير بحسب القانون رقم (21) لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية للعام 1963، فقد ورد في مادته (2) تعيين وتفريق بين كل المقيمين في البحرين، وذلك بتخصيص المعنى للكلمات والعبارات التالية:
«أجنبي: تعني كل شخص غير بحريني»
«بحريني: تعني كل شخص اكتسب الجنسية البحرينية بمقتضى أحكام هذا القانون»، (نؤكد اكتسب حقه الطبيعي ولم يتم منحه)
«شخص متجنس: تعني كل شخص مُنِحَ الجنسية البحرينية بمقتضى أحكام المادة 6 من هذا القانون»، (نؤكد تم منحه الجنسية)
ثم قسم البحرينيين الى أربع فئات:
المادة (3): «الجنسية المكتسبة بالقانون سابقاً» إشارة للبحرينيين الذين اكتسبوا الجنسية البحرينية بناءً على الإعلان رقم 20/1356 المؤرخ في الثامن من مايو العام 1937...
المادة (4): «البحرينيون بالسلالة»
المادة (5): «البحرينيون بالولادة»
المادة (6): البحرينيون بالتجنس»
والمثال الثاني تصرف لنائب في مجلس النواب، وهو الذي يمثل شعب البحرين بأسره، فيعلن في «تغريدة» له على وسائل التواصل الاجتماعي، استنكاره لتسريب رسالة موقعة من شخصه، يطلب فيها التماساً باستثناء طالب جنسية عربي من شرط المدة بحسب القانون بخمس عشرة سنة من الإقامة في البحرين، ويؤكد أن لا تجاوز ولا مخالفة، لا قانونية ولا دستورية في ذلك، في حين أنه ليست هناك وسيلة ولا إشارة لا في قانون الجنسية ولا في الدستور ولا في لائحة مجلس النواب الداخلية، تنص على إمكانية أن يتقدم طالب الجنسية ولا هي مهمات النائب كذلك، أن يتقدم بالتماس للإعفاء من المدة القانونية، إنما هناك في قانون الجنسية نَص، يعطي الحق المطلق لعظمة الحاكم من تلقاء نفسه وحر قراره، وليس استجابة لالتماس، حيث ورد في المادة 6 البند 2 «بالرغم مما ورد في الفقرة السابقة من هذه المادة يمكن بأمر عظمة الحاكم منح الجنسية البحرينية لمن يأمر عظمته بمنحها له، ويمكن بأمر عظمة الحاكم منح الجنسية لأي عربي يطلبها إذا أدى للبحرين خدمات جليلة».
ولا يكتفي بذلك، فيختم تغريداته بمحاولة خداع الذات والغير، أو أنه دليل الجهالة بالمواد الدستورية فيقول: «التفريق على أساس العرق والجنس والجنسية أمر مرفوض شرعاً وعرفاً...»، في إشارة للمادة الدستورية رقم 18 ونصها «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة». الحديث هنا عن مساواة المواطنين وليس المواطنين بغيرهم.
وللتجنيس مؤهلات: «الإقامة المشروعة في البحرين لمدة 25 سنة للأجنبي و15 سنة للعربي، أن يكون حسن الأخلاق، يعرف اللغة العربية معرفة كافية، ولديه في البحرين عقار ثابت مسجل باسمه لدى دائرة الطابو لحكومة البحرين»
وقد كان متبعاً في السابق الإعلان للعموم عن طالب الجنسية والطلب من العامة، ممن لديه اعتراض أن يبديه، إلا أن هذا الإجراء تم وقفه، بمعنى أن لا شأن للمواطن، وهو الأعلم بأخلاق جاره خلال تعاملهما لمدة 15 أو 25 سنة.