العدد 5318 بتاريخ 29-03-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


المكونات المجتمعية المتعايشة نقيض للطائفية البغيضة

مُنذُ قرون والمجتمع البحريني له مكونات مجتمعية متعددة، متعايشة اجتماعيا وإنسانيا، ورافضة لكل الأصوات النشاز، التي تعمل بكل الوسائل والطرق المتاحة لديها على إضعاف تعايشها الذي جبلت عليه طوال وجودها البعيد على هذه الأرض الطيبة.

إن وجود المكونات المتنوعة اجتماعيّاً وعلميّاً وتربويّاً وثقافيّاً وفكريّاً يعطي للبلد حيوية دائمة في مختلف المجالات وفي كل الاتجاهات، ويخلق تنافساً شريفاً بينها في تنمية وتطوير بلادها. إن الدليل على ذلك واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار، فطموح أبناء البلد من كل المكونات كبير جدا، فهم تجدهم يبدعون ويتميزون أين ما وجدوا، غير ذلك أنهم متواضعون ومسالمون ومتسامحون إلى أبعد الحدود، ليس ما نقوله مبالغة في نعتهم، فكل من تعامل معهم من الوافدين والأجانب يلمس تلك الأخلاقيات الراقية التي يتمتعون بها.

ما سمعناه في البلدان التي قمنا بزيارتها من نعوت إيجابية لأبناء البحرين كثير جدا، وأكثر من هذا وذاك، وجدناهم إذا ما عرفوا أن من يتحدثون معه بحريني، يبالغون في تحيته وتقديره من دون تكلف، وتنفتح سرائرهم عند الحديث معه، وجدنا أن النعوت الإيجابية الكثيرة، التي نسمعها عن الإنسان البحريني قليلة إذا ما قورنت مع حقيقته وسجاياه الطيبة، هذه الحقيقة يراها كل مواطن تسنح له فرصة السفر إلى أي بلد من بلدان العالم. هذا الإجماع الآسيوي والإفريقي والأوروبي والأميركي على نعت البحريني بنعوت راقية، لا شك أن هذه السمعة الطيبة التي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد يعتز بها كل فرد في بلدنا الغالي، وتحرص كل المكونات البحرينية على ترسيخها في أوساطها، والعالم يرى أن جمال البحرين يكمن في تنوعها الثقافي والفكري والتراثي، ويعلم أن واقع البلد لا يستقيم له حال إلا بمكوناته الفاضلة، التي جميعها تعمل لرفعة راية الوطن في كل المجالات وفي جميع الميادين.

أما الطائفية البغيضة إذا ما تغلغلت في أي مجتمع، فإنها تعمل بكل إمكاناتها الخبيثة على قلب الموازين الأخلاقية والإنسانية وتجاوز التقاليد والأعراف والقوانين في كل خطواتها العملية، فتراها تقدم وتؤخر وترفع وتحط من قدر من تريد وبحسب مقاييسها الطائفية والمذهبية، من دون أن يتحرك في داخلها وازع أخلاقي ليمنعها من ممارسة هذه الأفعال غير العقلانية، على رغم معرفتها أن ما تمارسه على أرض الواقع يضر بحاضر ومستقبل الوطن في كل الاتجاهات، العلمية والثقافية والفكرية والإنسانية والاجتماعية، غير هذا وذاك، أنها تعلم علما يقينيا أن ما تفعله يضعف التنافس الشريف في خدمة البلاد، ويقلل من عطاءات المكونات المجتمعية في الجوانب العلمية والثقافية وغيرها من الجوانب المهمة، وتعلم أن في حال تفشيها سيكون على حساب القيم الأخلاقية والقوانين التي تؤكد العدل والمساواة والإنصاف والمواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص والشفافية.

لا أحد في البلاد ينكر مساوئ الطائفية بكل أنواعها البغيضة، الكل يعلم أن مفهوم المكونات المجتمعية يختلف اختلافا كبيرا عن مفهوم الطائفية الحاقدة، فوجود المفهوم الأول في أي مجتمع يكون إيجابيا على الوطن والمواطن، ووجود المفهوم الثاني يكون وبالا على أي مجتمع، فالعاقل الواعي لا يقبل في كل الأحوال والظروف الميل ولو بنسبة متدنية إلى ممارسة الطائفية بين أبناء المجتمع الواحد، لما لها من انعكاسات سلبية على مستقبل البلد، وللعلم فإن من يمارس الطائفية يستقبح عملها وممارساتها، والدليل أنه لا يقبل أن ينعته احد بالطائفية على رغم ممارسته لها في حركاته وسكناته، ويحاول بكل الوسائل المتاحة لديه أن ينعت بالطائفية كل من ينتقد ممارساته السلبية وتبيان خطورتها على الوطن، فالقبح والحسن لا يختلف على مفهومهما أحد، حتى القبح يقر أنه قبيح ومستقبح في أعين كل الناس، حتى ولو حاول فاعله تجميل نفسه بأجمل العبارات والكلمات المنمقة، والحسن جميل حتى ولو حاولت الطائفية البغيضة تشويه سمعته في أوساط المجتمع.

فالمكونات المجتمعية مفهوم حسن في المنظور الأخلاقي والقانوني، والطائفية مفهوم مستقبح بحسب المعايير الإنسانية المعتبرة، ويقال إن البلدان التي ترفض التعامل بالطائفية البغيضة، وتصر على استخدام القانون والقيم الأخلاقية والإنسانية في كل تعاملاتها، تكون بعيدة كل البعد عن الأزمات الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والسياسية والأمنية.



أضف تعليق



التعليقات 1
زائر 3 | 2:38 ص مقال رائع يستنفر من وجود الطائفية البغيضة التي تهدم البلاد والعباد . رد على تعليق