واسطات من أجل «بحرينيين جدد»
قبل عدة أيام انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي رسالة صادرة عن أحد النواب، تستعطف لاستثناء أحد «المستثمرين» من أصول عربية من المدة المتبقية لبقائه في البحرين للحصول على الجنسية البحرينية، كما ويشير النائب إلى أن «المستثمر يعيش في البحرين منذ سنوات طويلة، وأن أبناءه يدرسون في مدارس البحرين، ما يعني أنه في حالة حصوله على الجنسية البحرينية فإن أبناءه هم أيضاً سيحصلون على الجنسية بالتبعية.
هذه الرسالة أثارت استهجان الرأي العام لعدة أسباب، أهمها أنه ليس من مهام أو صلاحيات النواب «التوسّط» لفلان أو علان للحصول على جنسية أو وظيفة أو سكن حكومي، إنما العكس تماماً، فإن من واجباته مراقبة السلطة التنفيذية لمنعها من ممارسة المحسوبية والواسطة، وضرورة الإلتزام بالقانون وعدم خرق الدستور البحريني. أما السبب الآخر لهذا الاستهجان فهو موقف جميع البحرينيين من التجنيس غير القانوني، والذي أدخل البلاد في الكثير من المشاكل، وفاقم المشاكل الموجودة أصلاً، كمشكلة الإسكان والخدمات الصحية ومستوى التعليم وشح الوظائف، بخلاف استحداث ظواهر اجتماعية خطيرة لم تكن معروفةً لدينا في المجتمع البحريني سابقاً.
في نفس الفترة انتشر أيضاً مقطع من مقابلة تلفزيونية عرضت على تلفزيون البحرين مع الزميلة مريم الشروقي بشأن موضوع البحرينيين الجدد، حيث رفض المذيع هذا التعريف، فمن وجهة نظره أنه مادام أي شخص حصل على الجنسية البحرينية فإنه مواطن بحريني لا يختلف عن أي مواطن آخر تمتد جذوره في هذه الأرض لمئات السنين... يجب القبول به كفرد من أفراد المجتمع البحريني له كامل الحقوق وعليه جميع الواجبات.
البحريني الجديد أو «الشخص المتجنس» مصطلح لم تأتِ به الزميلة الشروقي، وإنّما هو موجود في القانون البحريني، فحسب قانون الجنسية البحرينية لعام 1963 وتعديلاته، جاء في مقدمة القانون تحت بند «تفسير اصطلاحات» أن «الشخص المتجنّس تعني كل شخص منح الجنسية البحرينية بمقتضى المادة 6 من هذا القانون»، كما جاء في المادة 3 من القانون أنه «لا يكون للأجنبي الذي اكتسب الجنسية البحرينية وفقاً لأحكام هذه المادة حق الانتخاب أو التمثيل أو الترشح أو التعيين في المجالس المحلية (عدا الأندية والجمعيات الخاصة) قبل انقضاء عشر سنوات من تاريخ كسبه لهذه الجنسية ويسري هذا الحكم على من سبق لهم التجنس بالجنسية البحرينية قبل العمل بهذا القانون، وتسري العشر سنوات بالنسبة لهؤلاء من تاريخ العمل بهذا القانون».
كما اشترط قانون مجلس النواب في مادته الأولى عن شروط الترشح، «أن يكون بحرينياً وأن يمضي على من اكتسب الجنسية البحرينية عشر سنوات على الأقل»... إذاً حتى القانون البحريني يفرّق بين المواطن الذي وُلد آباؤه وأجداده على تراب هذا الوطن، وبين من اكتسب هذه الجنسية بطريقةٍ أو بأخرى قبل عددٍ قليلٍ من السنوات، حتى وإن كان الواقع المعاش يقول عكس ذلك.
المجتمع البحريني بكل طوائفه عانى ما عاناه من تبعات التجنيس، حتى بدأت الأصوات ترتفع من أجل معالجة هذه المشكلة المقلقة للجميع، فليس من المقبول إطلاقاً ممن يُفترض أنهم يمثلون الشعب، ومن أجل مصالحهم الخاصة وحفنة أصوات انتخابية، أن يفاقموا من المشكلة بدل حلها.