العدد 5292 بتاريخ 03-03-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


الكتابة التي لا تتجاوز السطح: ممسحة أحذية

هناك من يكتب ليتأكّد أنه حيٌّ. وهناك من يكتب ليتأكّد أنه حيٌّ من خلال حياة الذين يشاركونه الحيِّز والزمن. وهناك من يكتب ليتأكّد أنه حي، وأن العالم كل العالم من حوله حيٌّ. وهناك من يكتب للأموات لأن نصه وهو من دون روحين أساساً.

النوعية الأخيرة هي التي تُفاقم حالات الموت على هذا الكوكب؛ إن لم تكن هي الموت أصلاً!

***

لم تكن الكتابة في يوم من الأيام تعبيراً عن الذات الفردية فحسب. إنها تعبير عن ذات العالم. تعبير في وجه من وجوهها عن ذات جمعية مُهملة أحياناً. مسكوتٍ عنها. مُغيَّبَة. لا يُراد لها أن تكون بصوت عالٍ. ذلك الصوت العالي والفاعل والمؤثر هو الذي يُهدِّد نقيض الكتابة: المحْو... الإزالة... التغييب... التعتيم.

***

كل كتابة ذات أثر فيها من النبوة أكثر من أثر. كل كتابة مُحرِّضة على الجهل والموت والخذلان والخضوع والاستسلام، فيها ومنها مخارج نجاة، وعين إضافية تُتيح رؤية أعمق. رؤية أبعد مما هو ماثل ومُتَصَوَّر وقائم.

الكتابة التي تمنحك رؤية لا تتجاوز النظر إلى قدميك تحرمك من الأفق. الكتابة التي لا تتجاوز السطح: لا تختلف كثيراً عن ممسحة أحذية، وهنالك كتابة من ذلك النمط بعدد الهمِّ على القلب!

***

الكتابة التي لا تُعيد صوغ إرباكك تعاني من خلل فادح. لا نتكلم عن كتابة تُربك فحسب. مثل تلك الكتابة هو ما يُعوَّل عليه لإعادة صوغنا الأكبر ذلك الذي يتعلق بالوجود والإنسان والأفكار والخيارات، وبدرجة أكبر: المعنى.

***

الكتابة التي لا تحرّك فيك موجات من الشكوك... القلق... لا يمكن الاطمئنان إليها. الكتابة التي تعِدُك بالاطمئنان لن تتيح لك شيئاً منها. وحدها الكتابة الدافعة إلى القلق والارتباك والشك، قادرة على منحك فرصة تفحُّص خياراتك التي توهّمتَ، وطمأنينتك الخادعة، ووثوقك القاتل!

***

كتابة تنتشلك من الحُفر إلى الأفق والمدى. من الأمكنة العطِنَة والمغلقة إلى الرحب من الوجود والحياة بتفاصيلها التي تظل منشغلاً بمحبة في محاولة القبض عليها. من الأمل المخادع في كثير من الأحيان، إلى اليأس في جدواه القريبة.

***

حفَّار قبور يتمنَّى أن يُصبحَ أخصائي توليد!

***

لم يَعُدِ الحجر وثناً

هو أداةٌ لاستفزاز الروح!

***

روائحُ كريهة تنبعث من مزبلة... جرْوٌ يُطارد طفلاً... مخمورون غاضبون على السماء... رجل أمن يُراقب حديقة من ثقب في صحيفة قديمة... وهديلُ حمامٍ يُعيد ترتيب المشهد!

***

ما هو حلم الليل؟: ألَّا تطاله ممحاة النهار!

ما هو حلم السياج؟: أن يُصبحَ على أفق!

ما هو حلم الكوابيس؟: ألَّا يُساء فهمها!

ما هو حلم الفضاء؟: أن يُجرِّب الهبوط قليلاً!

ما هو حلم الغابة؟: ألَّا تُصبحَ على مجزرة!

ما هو حلم المُهرِّج؟: أن تزداد مساحة السأم!

***

قطةٌ كنتُ أطعمها من دمي

حين تشحُّ المياهُ

وحين تجوع أقول: انهشي ما استوى من عظامي

فتأبى

أحدّثها كي تنامْ

في انطفاء الكلامْ!

***

«إنني أحاولُ أن أضيء بصوتيَ، البُعْدَ الاحتفالي في الحياة»!

المُغنِّي الأوبرالي الراحل بافاروتي



أضف تعليق



التعليقات 3
زائر 2 | 12:28 ص مسح وتلميع الأحذية بشرف افصل من تلميع الظلم رد على تعليق
زائر 3 | 12:39 ص تصحيح
مسح وتلميع الأحذية بشرف افضل من تلميع الظلم
واضيف ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد وكل ما يكتبون سيحاسبون عليه في يوم الحسرة ويوم الندامة رد على تعليق
زائر 5 | 4:22 ص اتمنى منك ان تكتب لنا مقال عن العقد النفسية لبعض الكتاب الذين يستخدمون كلمات بذيئه خصوصاً في حسابهم في تويتر رد على تعليق