العدد 5242 بتاريخ 12-01-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


التقمص العاطفي... نجمة هوليوود ميريل ستريب أنموذجاً

«التقمص العاطفي» empathy يعتبر حجر الزاوية في «الذكاء العاطفي»؛ وذلك لأنه يوضح قدرة الشخص على وضع نفسه في مكان الآخرين، وأن يرى الأشياء من وجهة نظر شخص آخر. والتعاطف من هذا النوع يحتاج إلى قدرات فعالة في التواصل مع الآخرين، وممارسة القيادة والتأثير من خلال فهم أفكار الآخرين، ومن خلال إدراك وجهات نظرهم وتفهم مشاعرهم.

«التقمص العاطفي» يعتبر قوة مضادة للطمع. وفي المقابل، تعتبر «المنافسة الشرسة» النقيض لذلك؛ لأنها قوة تدفع نحو التغلب على الآخرين، مهما كانت الوسيلة المتوافرة لتحقيق تلك الغلبة. وفي حين يرى البعض أن المجتمع البشري كان ولايزال في صراع دائم ومرير من أجل البقاء، يرى آخرون أن التعاون والتعاطف هو سر بقاء المجتمعات والحفاظ على الأنفس في بيئة سلمية.

وفي هذا الإطار، حولت نجمة هوليوود ميريل ستريب، كلمة ألقتها في 8 يناير/ كانون الثاني2017، بمناسبة تسلمها جائزة غولدن غلوب، إلى هجوم على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، قائلة إنه كسر قلبها بمحاكاته بسخرية لصحافي معاق أثناء حملته الانتخابية.

وقالت ستريب (67 عاما) أثناء تكريمها بالجائزة عن مجمل أعمالها: «كان هناك أداء واحد هذا العام أصابني بالذهول... وغرز مخالبه في قلبي، ليس لأنه أداء جيد؛ بل كانت تلك اللحظة التي قام فيها ذلك الشخص الذي يسعى للوصول إلى أكثر المقاعد احتراما في بلادنا (وتقصد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب) بتقليد صحافي معاق».

وكانت ستريب، الحاصلة على 3 جوائز أوسكار، تشير إلى واقعة العام 2015، وسط حشد في ساوث كارولاينا بالولايات المتحدة الأميركية، عندما أشاح ترامب بذراعيه وغير نبرة صوته، مقلدا فيما يبدو الصحافي سيرج كوفاليسكي من صحيفة «نيويورك تايمز»، الذي يعاني من إعاقة حركية. ونفى ترامب بعد ذلك أن يكون سخر من الصحافي.

وقالت ستريب: «كسر قلبي عندما رأيت ذلك، ومازلت لا أستطيع التخلص من أثره، لأنه لم يحدث في فيلم سينمائي بل في واقع الحياة». وأضافت «هذا الميل الغريزي للإهانة، عندما يمثله شخص على الساحة العامة، شخص صاحب نفوذ، فإن أثره يمتد إلى حياة الجميع. قلة الاحترام تولد قلة احترام. والعنف يولد العنف».

وتشير هذه الحادثة إلى نهجين متناقضين، أحدهما نهج التعاطف (والتعاون) مع الآخرين، وتمثله ستريب... والثاني هو نهج الصراع والتنافس الشرس الذي يمثله ترامب.

الخطاب العاطفي الذي ألقته ستريب، انتشر عالميا بسرعة فائقة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر وسائل الإعلام، واعتبره الكثيرون أنموذجا للشجاعة في ظل مناخ سياسي منقسم، وذلك بحسب ما كتبه أحد خبراء التسويق في مجلة «سايكولوجي توداي» في 10 يناير2017.

إن السبب في رواج خطاب ستريب كان طريقة إلقائها، إذ إنها بعثت رسالة «تعاطف» مع الذين تكون حالتهم أسوأ من الآخرين، والإنسان الذي يتمكن من وضع نفسه في مكان الآخر، يعتبر مميزا في قدراته التعاطفية.

التعاطف، كما أشرنا، يعني قدرة الشخص على فهم حالة شخص آخر من وجهة نظر ذلك الشخص المتعاطف معه، وهو تعبير بليغ لحالة من الترابط الإنساني مع «الآخر»، وتعتبر هذه القدرة أساسية في أي مجتمع إنساني سلمي فعال. وعليه، فإن القدرة التعاطفية تعتبر شرطا أساسيا لقبول الآخر ككائن له مشاعر، وهي قدرة تعكس الجوانب الأخلاقية لمن يتميز بها.

خطاب ستريب تحدى منطق ترامب القائم على المنافسة الشرسة، وقد أشارت إلى ذلك عندما وصفت «غريزة إذلال الآخرين» التي تدفع بشخص قوي نحو تصفية شخص آخر أقل قوة منه، واعتبرت أن ذلك يعطي مبررا للآخرين للقيام بنفس الشيء، ويدفع نحو عدم احترام الآخرين، بل وازدرائهم، ومن ثم استخدام القوة التي تصل إلى العنف اعتمادا على الفتوة ضد الآخرين، وبذلك يخسر المجتمع قيمه المدنية.



أضف تعليق



التعليقات 3
زائر 1 | 11:38 م مقال قيم و لكن الهدف منه سيصل فقط لذوي الإنسانية، أما غيرهم من الجهات و الأفراد و و. فهم دون الإنسانية ليعوه.... رد على تعليق
زائر 4 | 3:33 ص تحليل ومقارنة رائعة دكتور رد على تعليق
زائر 7 | 9:50 ص مقال رائع ، نعم يجب احترام الآخر مهما صغر شأنه أن كان من الناحيه الماديه اوالاجتماعيه أو من ناحية تكوينه الجسماني أو اللغوي. رد على تعليق