ترامب استلهم قوَّته من منهجيَّة التفكير الإيجابي
في العام 1952، أصدر القس نورمان فينسينت بييل Norman Vincent Peale كتابه بعنوان: «قوة التفكير الإيجابي» The Power of Positive Thinking، وكان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يبلغ من العمر 13 عاماً في 1959، عندما بدأ يحضر مع والده للكنيسة التي كان يخطب فيها القس المذكور، والذي كان يُلهِمُ الحاضرين عبر حثِّهم على الإيمان بأفضل ما لديهم، وأن يثقوا بأنفسهم وبقدرتهم على تحقيق ما يصبون إليه.
كتاب بييل يعتمد على منهجية التفكير الإيجابي، وهي منهجية اعتمدها نابليون هيل Napoleon Hill في كتابه الذي أصدره في العام 1937بعنوان: «فكّر وانمُ غنيّاً» Think and Grow Rich والذي أسس لمفاهيم وإرشادات عملية يمكن أن يستفيد منها من يقرأ الكتاب للاعتماد على نفسه من أجل تحقيق الثروة والنجاح.
وفي العصر الحالي، هناك العديد ممن طور هذه المنهجية لممارسات تتعرض لانتقادات عديدة، ولاسيما التي يقدمها طوني روبنز في ورش عمله، ويحث المشاركين على القيام بتمارين من بينها المشي على النار من دون أن يخافوا من الألم، وهي ممارسات تخرج عن الجانب العلمي الرصين، وتدخل في مجالات المُجازفة التي تروق لعدد غير قليل من الناس.
عوداً إلى كتاب بييل الذي أثَّر في ترامب، فإنَّ هذا الكتاب يُعتبر من أكثر الكتب مبيعا، إذ تمت طباعة وبيع أكثر من خمسة ملايين نسخة، وهو يهدف الى مساعدة الأشخاص على تحقيق النجاح عبر انتهاج قوة التفكير الإيجابي. المتتبعون لإرشادات الكتاب يجدون أنهم يبذلون أفضل جهودهم، ويصرون على إنجاز أفضل ما يطمحون إليه.
وبحسب بييل، فإنَّ منهجية التفكير الإيجابي تدفع بالشخص نحو تحقيق حياة سعيدة، مرضية، وجديرة بالاهتمام، وذلك عبر الإيمان بقيمة العمل وتنشيط حياة المرء وقدراته، اعتماداً على المبادرة اللازمة لتنفيذ الطموحات والآمال.
والمؤلف يدعو قراء الكتاب إلى الثقة بأنفسهم في كل ما يفعلونه، وامتلاك العزم؛ وشحذ الهمم وعدم الاعتراف بالفشل، وذلك لتحقيق النفوذ المنشود. وهذه المنهجية تتطلَّب تطوير إمكانات الأفراد للوصول إلى أهدافهم، من بينها التغلب على القلق، والإصرار على حياة مريحة، وتحسين العلاقات الشخصية والمهنية مع الآخرين، والإيمان بالقدرة على السيطرة على الظروف مهما صعبت، وألا ينسى المرء أن يكون لطيفاً وكريماً مع نفسه.
غير أن مثل هذا الطرح، عندما يتطرف، فإنه يخلق شخصيات صعبة المراس، وهو ما يقوله الكثيرون عن دونالد ترامب، الذي يعتمد على أسلوب المفاوض الصعب، أو الذي يرفض التراجع أو الاستسلام حتى عن أصغر التفاصيل، ولاسيما تلك التي يعتبرها تحدياً شخصيّاً مُباشراً.
ففي (أغسطس/ آب 2016) - قبل أن يفوز بالانتخابات الرئاسية الاميركية- وجه خمسون جمهوريا تولوا مسئوليات كبيرة في جهاز الأمن القومي الأميركي نقداً لاذعاً وقالوا في رسالة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»: إن ترامب «لا يبدي أي رغبة في الاستفهام»، معربين عن أسفهم لأنه «يتصرف بنزق»، ولا يتمتع بضبط النفس، و«لا هو قادر على تقبل الانتقادات الشخصية»... وحذروا من «السلوك النزق». وقد ردَّ ترامب على الرسالة ببيان لاذع وصف فيه الخبراء بأنهم «مجرد نخبة واشنطن الفاشلة التي تسعى إلى التمسك بسلطتها»، داعياً الى «محاسبتهم» لجعلهم العالم أقلَّ أماناً.