جانب من نقاشات «حوار المنامة» أمس
الحضور هذا العام في جلسات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (حوار المنامة) كان مميزاً من حيث عدد الوزراء وكبار المسئولين من دول عديدة. ولعلّ توقيت المؤتمر استفاد من مؤتمرات أخرى تنعقد في أوقات تناسب سفر المسئولين ومشاركتهم فيها، بما في ذلك اجتماع باريس حول سورية. ورغم أن النقاشات كانت مُعمَّقة، إلا أنها لم تشهد آراء متناقضة أو متضاربة في الأعم الأغلب، سوى ما حدث عصر أمس من ملاسنة بين مسئول صيني وآخر ياباني.
فأثناء الجلسة التي خُصِّصت حول توسيع الشراكة للحفاظ على أمن الشرق الأوسط، تحدّث وزير الدولة للشئون الخارجية الياباني كينتارو سونورا، وأشار في معرض حديثه إلى بعض ما يجري في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي. ومباشرةً بعد ذلك، جاء الرد من المبعوث الصيني الخاص بالقضية السورية شيه شياويان الذي قال إن الأفضل إلى اليابان وبدلاً من السعي إلى تغيير دستورها (لكي تسمح لنفسها باتخاذ إجراءات عسكرية)، أن تراجع نفسها وتاريخها، وكيف أن مسئوليها مازالوا يُظهرون احترامهم لقادة يابانيين يُعتبَرون من أكبر مجرمي الحرب العالمية الثانية. وأضاف، أن الصين لم تكن في يوم من الأيام معتدية أو مستعمرة لأحد (كما كانت اليابان)، وأن ما تسعى إليه حكومته في بحرَيّ الصين الشرقي والجنوبي هو خلق إطار للتعاون البحري بين جميع الدول في تلك المنطقة. وزير الدولة الياباني ردّ قائلاً إن بلاده اعتذرت عن ما حدث في الحرب العالمية الثانية وإنه لا وجود لنية تغيير في الدستور، وبعد ذلك طرح وجهة نظر بلاده بشأن الأمن في تلك المنطقة.
من جانب آخر، في الحديث عن العراق، كان هناك توافق بين عدد من المتحدّثين بأنّ المشكلة لا تكمن في دحر تنظيم «داعش» عسكرياً في مدينة الموصل... ولكن المعركة الحقيقية ستبدأ بعد ذلك، وهي تتمثل في مدى القدرة على خلق عملية سياسية تشارك فيها جميع مكونات المجتمع بصورة عادلة. فالمصائب والحروب التي تقع في المنطقة إنما نتجت لأنّ هناك فئات ترى أنه ليس لها نصيب في الشأن العام، وأنها تعيش على هامش السياسة والاقتصاد في بلدها، ولذا فإنّ الأوضاع لا تستقر، وتجد الحركات المتطرفة فرصة لملء الفراغ عبر جذب الشباب الفاقد للأمل إلى الالتحاق بها.
الجواب الأكثر عُمقاً جاء من وزيرة الدفاع الألمانية «أورسولا غرترود فون در لاين» التي طرحت رأيها حول ما ينبغي فعله بعد دحر التنظيمات الإرهابية عسكرياً... وقالت: يجب على الحكومات أولاً قول الحقيقة واكتساب المصداقية لكي لا يحدث فراغ يملأه المتطرفون. وثانياً، يجب إفساح المجال للقوى المحلية الحقيقية بأن تشارك في الشأن العام، فالنساء الايزيديات، مثلاً، واللاتي تحررن من «داعش» أثبتن أنهنّ أفضل مَن يمثل جانباً من تلك القوى المجتمعية، وهذا يتطلب إفساح المجال لحرّية الرأي والتعبير. وثالثاً، يجب إيجاد وسائل لمنع المتطرفين من تسميم وسائل التواصل الاجتماعي من دون التضحية بحرّية الرأي، وهذا يحتاج إلى مقاربات عقلانية.