عودة العلاقات المميزة بين بريطانيا والخليج
اختطّت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي نهجاً جديداً في كلمتها التي ألقتها أمام قادة مجلس التعاون يوم أمس الأربعاء (7 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، وذلك عندما أكدت أن حكومتها ستسعى لإقامة علاقات وثيقة تشمل الجوانب التجارية والأمنية، وذلك عبر إشارتها بأنّ أمن الخليج هو أمن لبريطانيا، وازدهار الخليج هو ازدهار لبريطانيا.
ولقد أشارت المصادر البريطانية إلى أن التجارة البينية بين بريطانيا ودول الخليج بلغت نحو 30 مليار دولار العام الماضي، وأن أحد الأهداف التي تضعها بريطانيا نصب عينيها إزالة الحواجز من أمام التجارة والاستثمار. وفي هذا الإطار، فإنّ بريطانيا قد تستفيد من تعثر المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي بشأن توقيع اتفاقية للتجارة الحُرّة، منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي، وأن تسعى لتوقيع اتفاقها الخاص للتجارة الحُرّة مع دول الخليج.
إن إحدى المشاكل التي كانت تحول دون توقيع الاتفاقية هي الإصرار على التوقيع على شروط توافق عليها جميع دول الاتحاد الأوروبي. وعليه، فإنّ المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي منذ العام 1989 لم ينتج عنها أي توافق بشأن التحرير التدريجي والمتبادل للتجارة في السلع والخدمات، أو ضمان مستوى مماثل للوصول إلى الأسواق والفرص الاستثمارية بين الجانبين.
الاختلافات التي عطّلت الاتفاق بين الجانبين عديدة؛ من بينها الاختلاف حول إجراءات حقوق الملكية الفكرية، والمنافسة ولاسيما فيما يتعلق بمنتجات البتروكيماويات، والمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان. وعلى رغم أن المسئولين الخليجيين كانوا يأملون في العام 2013 اكتمال الاتفاقية، إلا أن أيّاً من تلك الآمال لم تتحقق للأسباب المذكورة.
وعليه، فإنّ بريطانيا تجد الفرصة سانحة - بعد أن تخرج من الاتحاد الأوروبي - للمُضيّ قدُماً نحو تطوير العلاقات بما قد يفسح المجال - ربما - لتوقيع اتفاقية للتجارة الحُرّة منفصلة بينها وبين دول الخليج، وذلك لتعويض بعض من تلك الخسائر التي بدأت تصيب الاقتصاد البريطاني بسبب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
لقد أشارت رئيسة الوزراء البريطانية إلى عمق العلاقات مع دول الخليج، وكيف أن شركة الهند الشرقية بدأت تلك العلاقات قبل عدة قرون على أسس تجارية بحتة، وبعد ذلك تطوّرت لتشمل الجوانب الأمنية والاستراتيجية. الفرق ربما هو أن عودة العلاقات المميزة حالياً تبدأ من الحوار والتوافق حول القضايا الأمنية، وثم تنطلق نحو التجارة، وهو عكس ما كان عليه الحال مع شركة الهند الشرقية التي كانت تتسيّد التجارة في الهند والخليج.