متى آخر مرة استقال فيها وزير عربي؟
قبل يوم أو يومين فقط، قدّمت عايدة حاج علي، (29 عاماً) وهي أصغر وزيرة سويدية مسلمة من أصل بوسني، استقالتها من الحكومة بعد أن ضبطتها الشرطة وهي تقود السيارة تحت تأثير الكحول.
ووفقاً لصحيفة «أفتونبلادت»، فإنّ عايدة حاج علي وهي وزيرة التعليم الثانوي ورفع الكفاءات في السويد، كانت تقود سيارتها برفقة صديق لها عند عودتها من زيارة من العاصمة الدنماركية (كوبنهاغن)، متجهة إلى مدينة مالمو القريبة الواقعة في جنوب السويد، الخميس الماضي، حيث ضبطتها الشرطة وهي تقود تحت تأثير الكحول.
وقالت الوزيرة في مؤتمر صحافي صباح أمس (السبت)، إنها لم تكن تتوقع أن تقع تحت تأثير الكحول بعد كأسين من النبيذ في حفلة في كوبنهاغن.
وشدّدت على أنها قد ارتكبت بالفعل خطأ فادحاً، قائلة «مع هذا، فقد ارتكبت أكبر خطأ في حياتي، وهذه هي المرة الأولى التي أقود فيها بحالة سكر».
هذه الوزير السويدية ذات الأصول البوسنية، شربت كأسين من النبيذ فقط، فأسدلت الستار على حياتها السياسية التي بدأت للتوّ، بينما يشرب الوزراء في العالم الثالث محيطين ليس من النبيذ وحسب، بل من الفساد، ولا يجدون حرجاً في التشبُّث بمناصبهم، وكأنّ الفساد يزيدهم قوّة وصلابة بل وعزّة وأنفة!!
الفساد في دول العالم الثالث ومن بينها الدول العربية، لا يحتاج إلى جهد كثير لوضع الدائرة الحمراء على مَواطنه، فهو أوضح من قرص الشمس الذي لا يغيب عن هذا الجزء من العالم، ولكنّ المذهل هو أنك تشهد فساداً ولا تشهد فاسدين، فالوزراء والمسئولون هم آخر من يُشار إليهم بأصابع الاتهام؛ لذلك نادراً ما نسمع عن استقالة وزير، وإذا فاحت رائحة فساد وأزكمت الأنوف، فستثور زوبعة في فنجان قهوة عربية صغير، وستبتلع الزوبعة موظفاً صغيراً سرق مسماراً، ونعلن بعدها جميعاً انتصارنا الساحق على الفساد.
لا شيء يستنزف ثروات العالم الثالث كما يستنزفها هذا الجاثوم المُتربِّع على صدور ثروات هذه الدول المُنهَكة، ففي بلد مثل العراق مثلاً، وبحسب دراسات أكاديمية معتمدة يخسر هذا البلد الثريّ ما لا يقل عن 6 مليارات دولار سنويّاً بسبب الفساد، وهذا المبلغ الطائل يساوي موازنات دول.
وليت المعضلة تقتصر على وزراء مفسدين لا يخجلون، وإنما على الجهات المعنية بالرقابة، والتحقيق للكشف عن مواطن الفساد والمسئولين عنه، وملاحقتهم، والدساتير تعطيهم هذا الحق الأصيل، ولكنهم يترافعون للدفاع عن الفساد أينما تفوح روائحه الكريهة، ويتسترون عليه، بأدواتهم الرقابية التي لا تكون حادّة إلا على رقاب من يرفض هذا الواقع.
لنلقي نظرة خاطفة على عالمنا العربي من شرقه إلى غربه، وسنبصر كيف أننا نحتاج قبل أن نستثمر في أيّ مشروع اقتصادي أن نستثمر أدواتنا الرقابيّة، من خلال إعطاء المؤسسات المعنيّة دوراً حقيقيّاً، لنستطيع أن نتقدّم كما يتقدّم الآخرون في الضفة الأخرى من العالم.