العدد 5020 بتاريخ 04-06-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


الشيخ الوائلي... لماذا الأوروبيون منعمون؟

في حديث له من على المنبر الحسيني، قال عميد هذا المنبر المرحوم الشيخ الدكتور أحمد الوائلي، إنه ظل يردد عليه الكثير من الناس السؤال التالي: «شيخنا» لماذا الأوروبيون، يعيشون في أراض خضراء سندسية ومياه عذبة، ومناخات رائعة، ورفاهية اقتصادية مفرطة، وجنة نعيم «تبدو وكأنها جنة الآخرة الموعودة». بينما نحن نعيش حياة جحيم جهنم «في كل شيء». وهؤلاء، هم قوم كفرة مشركون، ونحن أمة مسلمة ونقول: «لا اله إلا الله وحده لا شريك له» نحن ماذا فعلنا حتى نواجه غصة وعذابا أليما؟».

في جوابه، قال الشيخ الوائلي: «في أوروبا، تتمتع الشعوب هناك بكل ما أنعم الله سبحانه وتعالى، على جميع عباده من مكارم الأخلاق والمودة والتسامح والأخوة والتقوى وحسن المعاملة والتعاون والبر والبساطة في العيش، وتجنب النميمة والكره والفساد والإفساد ومحاولات تجنب المحرمات والمعصيات العظيمة، وظلوا يتمسكون بخصائصها ومنافعها ومآثرها القيمة، حتى أصبحت جزءا لايتجزأ من ثقافتهم وتراثهم. وبذلك أكرمهم الله سبحانه وتعالى، بهذا النعيم، ومنّ عليهم بفضله وأنعم عليهم من رزقه، وجعلهم يعيشون بسعادة ورخاء وروعة وحبور، في أوسع رياض جناته الدنيوية على كوكب الأرض.

ولكن، بالنسبة لشعوب البلدان المسلمة، فإنه وللأسف الشديد، لم تكن لدى غالبيتهم أي قدرة على استيعاب دروس ومفاهيم وأخلاق الإسلام، الذي أكرم الله سبحانه وتعالى بها جميع العباد، وأمرهم بالاقتداء بها والتمسك بجوهر أصولها وجذورها إلى يوم الدين. نحن قوم لا يرحم بعضهم بعضا ولا ينصف بعضهم بعضا «متعجرفون... مخادعون... متملقون... انتهازيون إلى أبعد حدود المعقول» ولم تكترث غالبيتنا الساحقة بشيء ذي أهمية بالتراث الأصيل الديني، فهل رأيت مسلما يتعامل مع أخيه المسلم من دون أن يظلمه أو يسرقه أو يغتصب ماله أو شيئا من خصوصياته الشخصية بغير حق؟ وهل رأيت مسلما يساعد أخاه المسلم لوجه الله سبحانه وتعالى، ومن دون النظر لأي مصلحة منشودة؟ أو أنه لايخون الأمانة، أو لايحقد على الآخرين عندما يجدهم يعيشون حياة السعادة؟ وأردف «أين دينك... أين تربيتك... أين أخلاقك... أين عطفك وتسامحك... أين مروءتك وشهامتك... أين إعانتك الضعيف... وأين صلات الرحم والتآخي والمحبة والود؟». ولماذا لا تتجه إلى كل ما أمرك به الله سبحانه وتعالى، وتحرص على التمسك به والامتثال له دائما في مجرى الحياة الدنيا؟.

وأضاف «إن الله سبحانه وتعالى، لايظلم أحدا من عباده أجمعين، بسبب شركهم أومعصيتهم اوامره، ولكن بسبب أعمالهم وأفعالهم الخاطئة والفاحشة هم يظلمون أنفسهم. وضرب مثلا بجماعة شعيب الذين خالفوا ما أمرهم به ربهم، وقال: «إن الله لم يهلكهم بشركهم، ولكن الله سبحانه وتعالى، حاسبهم وأهلكهم عندما بخسوا المكيال والميزان، وعاقبهم فقط على ارتكابهم ذلك الجرم». وأضاف «تأمل أيضا أن جماعة لوط لم يهلكهم الله سبحانه وتعالى، بسبب كفرهم، بل بسبب انحرافهم الخلقي، فبهذه الحالة الشاذة أهلكهم بها، لان هذا الكافر لايزيد ولا ينقص عندما يكفر»... وتساءل: هل ستقوم الدنيا ولم تقعد عندما يكفر الشخص؟ وهل تعتقد أن السماء يمكن أن تتهاوى وتسقط، بعد ارتكاب مثل هذه المعصية؟ الله سبحانه وتعالى «شو راح يصير فيه» لا ينقص ملكه ولا ينقص من عطائه ومن عظمته وجلاله، يبقى الشرك وحده فقط، ظلم يطال صاحبه، فهو الذي يظلم نفسه بنفسه، لأن الله سبحانه وتعالى، لا يظلم أي كائن من عباده، بسبب كفره أو بسبب شركه به، بل بنتاج أفعاله ومخالفاته ومظالمه، وهو وحده فقط من يستطيع أن يحاسبه ويعاقبه على كل ما اقترفته نفسه من معاصي وأفعال، وأن الله على كل شيء قدير».

ويضيف أيضا «في أوروبا، يقف الناس كلهم سواسية أمام القانون، وحقوقهم محفوظة ومصونة ضمن أنظمة ودساتير، ولا يقبل أحدا بظلم الآخر، وقهر الآخر، ويظل يرضى بكل ماهو مقسوم له في حياته، ومكتوب له على الجبين. ونحن معشر المسلمين، وللاسف الشديد، نظل دائما نخرق الانظمة والقوانين، ويتعالى بعضنا على البعض الآخر، ويحسد بعضنا بعضا بكل ما أنعمه الله على عباده من أرزاق، ولا يسمح لغيره بالمطلق، من الاستفادة بكل ما أنعم به الله سبحانه وتعالى، لجميع العباد من خيرات ومن مكرمات، على قاعدة الانانية والذاتية الضيقة والمحدودة، وكذلك الشعار المريض والمرفوض «انا وبعدي الطوفان» وبذلك، فإننا نظل نخالف أوامر الله عز وجل، ونظل نفرض على انفسنا بأنفسنا، مختلف وجوه التناقض والشكوك والخنوع والمعصيات، وقبول البقاء والاستمرار في عالم يسود فيه الظلم والجور والكراهية والحقد وغياب القانون ومعايير الإيمان بمختلف الاوامر الربانية، ومن دون السعي للخلاص من آثام النفس المريضة والخاوية، ومن كسر قيود المهانة والاستعباد، في نفس الوقت الذي تظل تواصل فيه شعوب أوروبا، سعيها الدؤوب والملهم، لمواكبة تطورات عصر التقدم والرفاهية والتنمية والمساواة والعدل وحقوق الانسان.

رحم الله الشيخ الدكتور أحمد الوائلي، رجل الدين المصلح، والمنفتح على جميع الثقافات، والداعي لنبذ الاختلاف والطائفية والمذهبية، والداعم بقوة لحوار الحضارات، ولحريات الرأي والفكر والثقافة والمعتقد، فقد كان على حق عندما قال عن المسلمين، أنهم أمة لاتفقه جيدا في أصول الاسلام الحقيقي والجوهري، ولا تبصر معايير الإيمان، ولاتلتزم بما أوحت به الشرائع الربانية والوصايا النبوية من أمور التجانس والتآلف والتعايش المشترك وصنوف التقوى، ولاترحم بعضها بعضا، ولاتقدر ظروف الآخر، ولاتخشى من حسابات الخالق يوم القيامة. كما أنه أيضا لايمكن أن يوجد أي وجه شبه بين ما يحدث في البلدان المسلمة، من كل ممارسة الفساد والظلم والجور والنميمة والتفرقة وغياب القانون والحقوق والمساواة والعدل، وبلدان الغرب، التي استطاعت بقوة وعلى امتداد عدة قرون مضت، أن ترسي قواعد الايمان بمعتقداتها ودساتيرها وأنظمتها وقوانينها الانسانية والاخلاقية والعاطفية.

مايعني في الغرب هو حقيقة الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، في معانيها الشمولية والحقيقية والجوهرية، ودورها الحضاري الملهم على المستوى العالمي، فيما يظل العالم الاسلامي والحال هكذا، يئن تحت وطأة المنازعة الطائفية والمذهبية، وأسير الاعراف والمفاهيم والتقاليد والقيم الأخلاقية البالية، التي فضل التمسك بها منذ ما يقارب من 1400 سنة من بزوغ فجر الاسلام، وحتى الفترة التاريخية الحالية، والتي ربما يظل يختارها دائما لتكون ربان مسيرته القادمة، في عصر الانفتاح والتسامح والتعاون والأخوة، والتحرر والتقدم والتنمية، لانه أصبح موزعا على محاور الانتماءات القومية والاثنية والحركات الاصولية المتشددة والمتطرفة والارهابية، ومنخرطا في حروب التكفير والتهميش والتطويع والتسلط والتعسف.



أضف تعليق



التعليقات 15
زائر 1 | 10:38 م النعمه تبقى مع الكفر وتزول مع الظلم حتى وان كان يدعي الاسلام رد على تعليق
زائر 12 | 4:57 ص رحمك الله يا شيخ الوائلي انت حقاً من كان يحمل راية الإحسان والمودة والصدق في زمن عز فيه الرجال الشجعان
زائر 2 | 12:55 ص أنا أربأ بالشيخ الوائلي أن يكون قد قال هذا الكلام بصورته الحرفية وأربأ بأن يكون فكره على هذه الدرجة من السطحية.
من قال بأن الغرب يتمتع بالأخلاق الحميدة كلها ولا يرضى بالظلم !!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟
من قال أنهم لا يعيشون الكآبة في الدنمارك ومعدلات الانتحار الأعلى في العالم خير شاهد ؟
من ظلم الفلسطينيين ؟ من قصف هيروشيما ؟ من أحرق اليهود بالغاز ؟
من يمارس الصفقات المشبوهة ؟ من حمى النازية الصهيونية ؟ من من من ؟؟؟؟ رد على تعليق
زائر 3 | احسنت استاذ .. 1:40 ص ربما البعض من رجال الدين سيفسر بان الغرب قد نعموا في الدنيا الا انهم في جهنم.. اما الشيخ الوائلي فهو متعمق في التفكير ومنصف في التنضير والله اعلم . رد على تعليق
زائر 8 | 3:13 ص العالم ..
زائر 4 | الشيخ الوائلي 1:48 ص رحمك الله يا شيخنا، كنت حقاً عميد المنبر الحسيني بلا منازع، وسيظل فكرك ومحاضراتك كنزا متجددا لا ينضب رد على تعليق
زائر 5 | 1:57 ص احسنت ...
دوام التوفيق رد على تعليق
زائر 6 | 2:29 ص الف شكر على هذا الموضوع الرائع والمميز وفعلا هذه الحقائق مايحدث بين الدول الا سلامية رد على تعليق
زائر 7 | كل الأديان بدون استثناء 3:10 ص كل الأديان بدون استثناء تتفق على قيم واحدة كالصدق والأمانة والكرم والشجاعة والحب والإيثار لكن الانسان هو الذي يتذكر لها سواء أكان في الشرق ام الغرب صحيح العدالة الاجتماعية متجسدة هنا أو هناك أكثر . رد على تعليق
زائر 9 | 4:05 ص مجرد مثال بسيط
عندما تشاهد برنامج كاميرا خفية في بلد عربي ونفس البرنامج في كندا رد على تعليق
زائر 10 | 4:20 ص الله يرحمك يا شيخنا ودكتورنا كم نحن فخورين بك وانت من أعطي المنبر الحسيني حقه رد على تعليق
زائر 11 | 4:27 ص مقال جميل .. ويضع الدواء على الجرح رد على تعليق
زائر 13 | 5:26 ص اتمنى من كل قلبى الذي لايحمل احقاد على الناس سواءا كانو سنه اوشيعة ان الله يلم الشمل >>>>وترجع البحرين مثل اول وياخدون الناس حقوقهم >>>> رد على تعليق
زائر 14 | 5:45 ص هل هناك نعمة بحجم نعمة البترول التي انعم الله بها على الشعوب الخليجية ؟

أليس بالإمكان تحويل بلاد الخليج الى جنات وجمال بهذه التريلونات من الدولارات؟

لماذا بنية الخليج هشّة الى درجة لا تتحمّل زخّات بسيطة من المطر؟

حتى خط قطار واحد يربط بين دول الخليج غير موجود؟

اين تذهب هذه الثروات؟

...... رد على تعليق
زائر 15 | 7:00 ص احسنت على هذا المقال الرائع لقد سمعت باليوتيوب هذا الكلام الجميل انظر الى مايسمون أنفسهم المسلمين اليوم مااقبح تصرفاتهم لقد شوه الاسلام بالذبح والقتل والسبي وكل هذا لهم من يعطيهم الفتوى لها
اما الغرب يحب الحياة اما نحن نكرها الحياة رد على تعليق