مسجد جمالة محراب التاريخ
في صباح يوم الإثنين (24 أغسطس/ آب 2015) عاد الحجر الأثري لمسجد جمالة (الرفيع)، ثاني أقدم مسجد في البحرين الكائن في وسط منطقة البلاد القديم، بعد أن كاد تاريخ البحرين يخسر هذا الحجر الثمين.
قبل أكثر من 10 سنوات، تم هدم هذا المسجد بهدف إعادة بنائه، وجهلا بقيمته التاريخية؛ قامت الجرافات بجرف المحراب وتكسير الحجر الذي ظل أياما يرزح تحت أنقاض المسجد والمطر يتساقط عليه، إلى حين سخر الله له الباحث التاريخي الحاج عبدالله السعيد، وهو من أهالي المنطقة لانتشاله والاحتفاظ بقطعه المتناثرة لأكثر من 10 سنوات.
قبل نحو عام كتبت في هذه الزاوية مقالا عن هذا الحجر وأهميته، واستجابت إدارة الأوقاف الجعفرية سريعا لما نشر في المقال، وبادرت لإصلاح ما أفسده الإهمال، وتعاونت مع الحاج السعيد الذي يستحق كثيرا من التقدير، وقامت بتحديث المحراب وتصميمه تصميما يليق به وأعادت إليه الحجر، وهي بادرة مسئولة لا يسعنا إلا أن نشكر إدارة الأوقاف الجعفرية عليها، وخصوصا رئيس مجلس إدارتها الشيخ محسن العصفور الذي كان يتابع الموضوع شخصيا.
هذا الحجر هو توأم لحجر شبيه كان في محراب مسجد الخميس، وهو الآن معروض في متحف معهد العالم العربي في باريس، وقد حاول جيمس بلجريف، وهو من عائلة مستشار البحرين تجارلس بلجريف، في العام 71 اقتناء حجر محراب جمالة أيضا، إلا أن أهالي البلاد القديم رفضوا ذلك.
أهمية هذه القطعة الأثرية أنها شاهد على تاريخ البحرين في الصدر الأول من الإسلام، وأنها شاهد على عراقة هذا المسجد الذي يعد ثاني أقدم مسجد في البحرين بعد (المشهد ذو المنارتين) الذي اشتهر بمسجد الخميس، وقد رجح بعض المؤرخين أنه بني قبل السنة الخامسة عشرة للهجرة النبوية.
وقديما عثر في هذا المسجد على أكثر من نقش أثري أحدها نقش المحراب الصخري الذي أعيد مكانه الآن، وقد نقش عليه أسماء النبي الأكرم (ص) وأهل بيته الطاهرين (ع). والتجديد الأول للمسجد تم في السنة السبعمئة وسبع وثمانين للهجرة حيث أضيف له رواق ثانٍ، وقد مر المسجد بمراحل عديدة من التجديد والترميم وتبديل الاسم.
كل الآثار الموجودة في مسجد جمالة ضاعت، ولم يبق من معالم هذا المسجد سوى حجر المحراب الأثري، لذلك فإن إرجاعه، وإن كان على شكل قطع متناثرة، حدث يستحق الاهتمام والتدوين.