-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
تساؤلات حول ما دار في اجتماع المسؤول الأميركي مع وزير الداخلية
{الشرق الأوسط} تكشف أسباب الغضب البحريني من مالينوسكي
المنامة: عبيد السهيمي
مثل طرد مملكة البحرين لتوماس مالينوسكي، مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، تطورا لافتا وموقفا جريئا من مملكة البحرين ضد مسؤول لأهم لاعب في المنطقة والعالم وأحد أهم حلفائها الاستراتيجيين، ماذا دار بين مالينوسكي وقادة جمعية الوفاق حتى تتخذ البحرين هذا الموقف الحازم وتعد مساعد وزير الخارجية الأميركي شخصا غير مرحب فيه وتبلغه بذلك، وهي العبارة الدبلوماسية التي تعني «غادر البحرين فورا».
الحكومة تقول إن لقاء مالينوسكي مع «الوفاق» أخل بضوابط لقاء الجمعيات السياسية مع الوفود السياسية والبعثات الدبلوماسية، في حين تشير التحليلات إلى تحفظ القيادة البحرينية على شخصية مالينوسكي الذي شارك عام 2012 في مسيرة للمعارضة البحرينية في المنامة غير مرخصة، في الاتجاه الآخر تشير أوساط أخرى إلى أن مالينوسكي كان يحمل وصفة حل أميركية سريعة للأزمة البحرينية، تقدم بموجبها جميع الأطراف تنازلات وتشارك المعارضة في الانتخابات المقبلة المقرر عقدها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فيما تقول «الوفاق» إن المسؤول الأميركي لم يطرح عليها أي حل للأزمة أو أي وصفة للمصالحة الوطنية.
مصدر حكومي بحريني فضل عدم ذكر اسمه قال لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار اتخذ على ضوء لقاءات مكثفة أجراها مالينوسكي مع قادة «الوفاق» إحدى جمعيات المعارضة السياسية. وتابع المصدر: «في اليوم الأول من زيارة مالينوسكي اتجه من المطار إلى مجلس (الوفاق)، وعقد اجتماعا ثانيا مع قادة الجمعية في غضون 24 ساعة».
ماذا دار في الاجتماع وأثار حفيظة الحكومة البحرينية؟ قال المصدر لا توجد لديه معلومات دقيقة عما حدث، لكنه أشار إلى أن تصرفات مالينوسكي دعم لمواقف المعارضة البحرينية وتشجيع على المواقف التي اتخذتها.
ولفت المصدر إلى أن الاجتماع الذي عقد بين قيادي «الوفاق» ومالينوسكي في مقر السفارة الأميركية كان بحسب الاتفاق سيحضره مندوب عن وزارة الخارجية، إلا أن حضوره رفض في آخر لحظة، مما دفع وزارة الخارجية إلى إبلاغ مالينوسكي بأنه «شخص غير مرحب به».
يقول الإعلامي البحريني يوسف البنخليل، رئيس تحرير صحيفة «الوطن» البحرينية، إن قرار طرد مساعد وزير الخارجية الأميركي من قبل حكومة البحرين اتخذ بناء على محورين، المحور الأول هو عقده لقاءات خاصة مع شخصيات تمثل جماعات سياسية معينة ومن بينها جمعية الوفاق، وكذلك شخصيات تصنف على أنها من «المعارضة»، وفي الوقت نفسه رفض المسؤول الأميركي حضور ممثل عن وزارة الخارجية البحرينية لقاءاته الخاصة، وهو ما يشكل انتهاكا للسيادة البحرينية وللأعراف الدبلوماسية، بحسب وصف البنخليل.
والمحور الثاني هو مضمون لقاءات المسؤول الأميركي مع «الوفاق» وهي لقاءات ليست بجديدة، بل زاد زخمها عقب أزمة 2011، حيث ترسل واشنطن دبلوماسييها بشكل مستمر للاجتماع مع كوادر «الوفاق» فقط وتتجاهل بقية القوى السياسية البحرينية.
ويتابع البنخليل: «كان الشعار المعلن للقاء الدبلوماسيين الأميركيين مع (الوفاق) هو دعم الإصلاح السياسي، ولكن الحقيقة تتمثل في كيفية دعم جمعية الوفاق والجمعيات التابعة لها لتحقيق أجندتها السياسية التي بلغت ذروتها قبل ثلاث سنوات عندما طالبت بإسقاط النظام الملكي الدستوري وتغييره».
ويعد رئيس تحرير صحيفة «الوطن» البحرينية أن الإدارة الأميركية غير جادة في دعم انخراط «الوفاق» في العملية السياسية، والدليل أنه بعد مرور ثلاث سنوات ما زالت الجمعية متحفظة على المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، وما زالت ترفض تقديم أي تنازلات، وهو وضع مغاير للتدخل الأميركي في عام 2006 عندما اتصلت واشنطن بـ«الوفاق» وطلبت منها تغيير موقفها من مقاطعة الانتخابات البرلمانية مقابل مكاسب معينة.
كما عد البنخليل أن الدبلوماسي مالينوسكي لديه تاريخ سيئ في العلاقات مع المنامة، ففي عام 2012 كان المسؤول الأميركي حينها مديرا بمنظمة هيومان رايتس ووتش وزار البحرين وشارك في مسيرة غير مرخصة للوفاق وقبض عليه رجال الأمن لتجاوزه القانون.
وتابع أن دوائر صنع القرار في البحرين لا تشعر بالارتياح من زيارات المسؤولين الأميركيين الذين يتولون منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل لأنهم يتدخلون في الشؤون الداخلية للبحرين باسم تعزيز العلاقات الثنائية، واللافت أن من يجري تعيينه في هذا المنصب - والكلام للبنخليل - لديه تجربة سلبية في التعامل مع البحرين، وخاصة أنه يأتي عادة من المنظمات الحقوقية الأميركية، وما زال البحرينيون يتذكرون مايكل بوسنر الذي تولى المنصب نفسه خلال السنوات الماضية وكان من منظمة هيومان رايتس فيرست.
في الاتجاه الآخر وبحسب شخصية إعلامية محسوبة على المعارضة البحرينية، فضل عدم ذكر اسمه، تحدث لـ«الشرق الأوسط» وقال: «ليس المهم ما دار بين مالينوسكي وقادة (الوفاق)، بل الأهم منه ما دار بين المسؤول الأميركي الرفيع وبين وزير الداخلية ورئيس الأمن العام البحريني». ويضيف: «قرار طرد مالينوسكي اتخذ بعد لقائه مع وزير الداخلية». وتابع: «لقاءات مالينوسكي مع الوفاق كانت معروفه، ومعلوم ماذا يطرح فيها»، في إشارة منه إلى أن قرار الطرد ليس له علاقة بلقاء «الوفاق».
وقال الإعلامي: «الولايات المتحدة ستدخل على الخط وستحل الأزمة البحرينية وستشرف على الحل - بحسب تعبيره - وطرح الأميركيون حلا مباشرا وهناك إجراءات لا بد من اتخاذها من قبل الحكومة البحرينية، لأن الوضع في المنطقة لا يحتمل ولا بد من غلق الملف البحريني بحسب تصور الأميركيين».
لكن ما رأي «الوفاق» التي طرد المسؤول الأميركي بعد لقائه مع قادتها؟
يقول خليل المرزوق، القيادي في الجمعية، والذي يشغل موقع المساعد السياسي للأمين العام: «لا نعتقد أن قرار طرد مالينوسكي له علاقة بلقائه مع (الوفاق)». وعزز اعتقاده بأن المسؤول الأميركي غرّد على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بأن الطرد كان ضد الحوار.
يقول المرزوق: «نعتقد في جمعية الوفاق أن قرار الحكومة البحرينية لم يكن ضد مساعد وزير الخارجية الأميركية شخصيا، ولكنه ضد الحوار الحل للأزمة البحرينية».
لكن ماذا دار بين مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل وقادة «الوفاق»؟ يقول المرزوق: «ما دار بيننا وبين مالينوسكي لا يختلف عما نتحدث به علنا وفي وسائل الإعلام ومع السلطة، وهو ضرورة الإصلاح عن طريق الحوار الجاد». وتابع: «الحوار يحتاج إلى بيئة تصالحية ومناخ يهيئ لإنجاح الحوار من الناحية الأمنية والقضائية والإعلامية».
وشدد المرزوق على أن موقف الوفاق واضح وأبلغت به المسؤول الأميركي.. «لن تشارك (الوفاق) في الانتخابات المقبلة من دون إصلاح».
في المقابل، هل عرض مالينوسكي على «الوفاق» مشروع حل للأزمة البحرينية؟ يقول المرزوق: «لم يطرح علينا أي خطة للحل أو للمصالحة».
يقول الإعلامي البحريني محمد الغسرة، إن الآراء والتحليلات تباينت حول الأسباب الحقيقية التي دفعت المنامة إلى طرد مساعد وزير الخارجية الأميركي عن البحرين توماس مالينوسكي، لكن معظم التحليلات تشير إلى أن السبب وراء خطوة المنامة الجريئة على أكبر دولة في العالم جاء لرفضها مقترح تسوية مع المعارضة من الممكن أن تقترحه أو تفرضه واشنطن على المنامة، والكلام للغسرة، مشيرا إلى ما قاله مالينوسكي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «الخاص به بأن خطوة المنامة ليست ضده، بل ضد الحوار مع المعارضة».
وأضاف الغسرة، أن الأخبار تتردد بأن مالينوسكي كان يحمل مشروع الحكومة الأميركية إلى طرفي النزاع الحكومة والمعارضة لحل النزاع السياسي الذي بدأ قبل ثلاثة أعوام، والذي ستقنع الإدارة الأميركية المعارضة بزعامة «الوفاق» الإسلامية بدخول البرلمان مقابل بعض التنازلات الحكومية التي تحفظ ماء وجه الطرفين.
ويعد الغسرة أن القشة التي قصمت ظهر البعير هي زيارة المبعوث الأميركي إلى المجلس الرمضاني الأسبوعي لجمعية الوفاق، والتي هي تحت مرمى الإعلام الحكومي، مما يعطيها قوة في أي حوار أو تفاوض.
ويشير الغسرة إلى أنه وفقا لهذه المعطيات طبقت الحكومة قرار وزير العدل، الذي فرض على الجمعيات السياسية طلب الإذن لأي اتصال لها بالسفارات أو المؤسسات الأجنبية وحقوق الإنسان أو مؤسسات المجتمع المدني الأجنبية والذي كان مجمدا منذ صدوره في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والذي عدته المعارضة كأن لم يكن، بل إن الأمين العام المساعد لجمعية الوفاق قال عنه في إحدى خطبه: «إن القرار تحت قدمي».المصدر: صحيفة الشرق الأوسط
بتاريخ: 12 يوليو 2014