-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
البحرين: تقرير تقصي الحقائق رهن التنفيذ
محمود حربي - محرر
تحدث الدكتور محمود شريف بسيوني، رئيس اللجنة الدولية لتقصي الحقائق في البحرين، لـ عن الملابسات التي رافقت إعداد التقرير الدولي الخاص بأعمال العنف والقمع التي شهدتها البحرين خلال العام 2011. كما استعرض بسيوني، وهو أحد أبرز فقهاء القانون الجنائي الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي، رؤيته لما يحدث في دول الربيع العربي.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
• ماذا بعد إعداد التقرير الدولي عن البحرين؟
ـ التقرير الآن في عهدة الملك، وهو أيضا متوافر على المواقع الالكترونية أي يمكن لكل من يرغب الاطلاع عليه. والملك أصدر قراراً بتشكيل لجان حكومية لمتابعة تنفيذ بنوده وتوصياته، ومازلنا بدورنا نتابع سير العمل في هذا الخصوص.تقرير شامل
• تعني أنه مقبول بالكامل من دون تحفظات؟
- جميع الأطراف في البحرين- حكومة ومعارضة- قبلت التقرير بالكامل، وكل يعمل من جهته على أساس ما جاء في مضمون التقرير، بما فيها منظمات حقوق الإنسان داخل البحرين وخارجها. بالطبع هناك من يثير- من حين لآخر- تساؤلات حول المفهوم الحكومي لتنفيذ توصيات التقرير. وعلى سبيل المثال، النائب العام نفذ إحدى التوصيات بإنشاء نيابة خاصة لمتابعة ما جاء في التقرير بخصوص أعمال التعذيب والقمع، والنظر على وجه التحديد في حالة وفاة 5 أشخاص تحت التعذيب.لكن لم يصدر حتى الآن أي معلومات نهائية ترضي التوقعات، ولم يتم إلا محاكمة شخص واحد عن قتل أحد الخمسة. وكان جانب الاتهام في هذه القضية ضعيفا والعقوبة غير ملائمة مع الجرم. وكان هذا موضع استياء شديد من المجتمع المدني الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، وكذلك عدم المتابعة الجدية والمحاكمات الصارمة، لحوالي 300 شخص تعرضوا للتعذيب والقمع.
وهذا كان سبباً لإثارة الضيق والشكوك في البحرين والخارج منذ عامين، وأدى إلى التشكيك في نوايا الحكومة، وللأسف فإن هذا الأمر أدى إلى نسيان الجوانب الإيجابية التي قامت بها الحكومة لتنفيذ التوصيات الأخرى.
جدير ذكره أن أعضاء اللجنة ليسوا من أصحاب الاختصاص، وغير مؤهلين للنظر في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت أساس الاحتجاجات عام 2011. وهي مشاكل مازالت موجودة رغم أن الملك أنشأ لجنة للمصالحة الوطنية، ولكن عملها لم يؤد الى نتائج لتحسين هذه الظروف.ثورات الربيع العربي
• كيف ترى الوضع في دول الربيع العربي، اليوم؟
ـ أنا أرى أن التسمية (الربيع العربي) خاطئة. فما جرى من حراك شعبي وثوري في تونس ومصر واليمن، والآن في سوريا لم يكن ظاهرة جديدة في تاريخ هذه الأمم، إنه جزء من التاريخ الثوري الذي بدأ في عدد من الدول العربية. منذ نهاية الحرب العالمية الأولى (عام 1919) بدأ هذا الحراك كحركة وطنية استقلالية، عقب إخضاع الشعوب العربية للحكم العثماني لمدة خمسة قرون، وعندما انهارت الإمبراطورية العثمانية، تدخلت بريطانيا وفرنسا كدول حاكمة للعالم العربي والمغرب العربي، وقامت ثورات وطنية في مناطق مختلفة وحركات استقلالية، البعض منها بدأ بالعنف، لكن انتهى بالتسوية السياسية، والبعض استمر عنيفا حتى النهاية.
وجدير ذكره أن مصر قامت ثورتها عام 1919، وحصلت على استقلالها عام 1923 على الرغم من بقاء قوات بريطانية في مصر حتى اتفاقية 1954 الخاصة بالجلاء، إلا أنه بعد ذلك اعتدت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عام 1956، وبالتالي كانت هذه الحرب جزءا من التسلسل التاريخي للثورة المصرية للحصول على استقلالها الكامل، والحرص على سيادتها.حرب الجزائر
ومثل آخر هو ثورة الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي في الخمسينات من القرن الماضي، وكانت هذه الحرب من أكبر حروب الاستقلال الدامية، حيث إن عدد الشهداء من الجزائريين وصل إلى مليون نسمة، أي ما يوازي %10 من تعداد الشعب الجزائري آنذاك، وإلى حد كبير مازالت الجزائر تعاني من نتائج هذه الحرب العنيفة مع فرنسا.
كل تلك الحروب والثورات والحراك الشعبي، سواء ضد محتل أو طاغية أو الفساد أو من أجل الحقوق، يعتبر جزءا مهما من تاريخ البلد الذي حدث فيه.
الأمر في مصر تطلب حوالي 60 عاماً، والمدة نفسها تقريباً في تونس، وأكثر من 40 عاماً في ليبيا، وثلاثة قرون في اليمن. والآن في سوريا.
الفراغ السياسي واضمحلال المجتمع إلى تطورات تختلف من بلد إلى آخر. على سبيل المثال كانت فترة تغيير النظام في تونس قصيرة، وما صاحب ذلك من حوادث قتل وإصابات كان نسبياً قليلاً كما كان الأمر في مصر بالمقارنة مع ما يحدث في سوريا.
فعلى سبيل المثال عدد القتلى في تونس أثناء تغيير النظام قد لا يزيد عن بضع مئات، وفي مصر لا يزيد عن ثلاثة آلاف، في حين في سوريا وصل العدد التقديري حتى الآن إلى 200 ألف، وتشريد ما بين 2 إلى 3 ملايين نسمة كلاجئين.
ولا بد من الأخذ في الاعتبار أن هذه المسيرة لم تنته، وأن التغيير في هذه المجتمعات مستمر.مسيرة طويلة في تقصي الحقائق
شكلت الأمم المتحدة أول لجنة لتقصي الحقائق في أعقاب الحرب في يوغسلافيا السابقة. بعدها أنشأ مجلس الأمن المحكمة الدولية ليوغسلافيا السابقة، وكانت أول محكمة جنائية دولية منذ محاكم نورمبرغ في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وفيما بعد تشكلت المحكمة الدولية لمحاكم مجرمي الحرب في رواندا. وتلا ذلك في عام 1998 إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، والتي انتخب د. محمود شريف بسيوني لرئاسة لجنة صياغتها، ليعين بعد ذلك من قبل هيئة الأمم المتحدة رئيساً للجنة تقصي الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان في النزاع الليبي، وقبل ذلك كنت المقرر الخاص للأمم المتحدة للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان منذ 2004 إلى 2006 وما بين 2003، و2005 كنت مشرفا على مشروع في العراق للنظر في جرائم صدام حسين.المصدر: صحيفة القبس الكويتية
بتاريخ: 4 يناير 2014