-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
الجدل القديم -الجديد هل يضع الحكومة والمعارضة وجهاً لوجه في 2010
"التصويت الإلكتروني"... ريادة تقنية أم نافذة للتحكم بالانتخابات؟
جهاز التصويت الإلكتروني
الذي كان سيعتمد في 2006
لم تبدِ غالبية الجمعيات السياسية حماساً لمشروع التصويت الإلكتروني في الانتخابات البرلمانية السابقة، فضلاً أن عدداً كبيراً من الجمعيات المعارضة قد شنت حملة مضادة شرسة لمواجهة تطبيق المشروع، وهي الحملة التي أدت إلى تراجع الحكومة عن تطبيق التصويت الإلكتروني في الانتخابات السابقة تحت ضغط الجمعيات والشارع.
وقبل أشهر عدة من الانتخابات البرلمانية والبلدية في العام 2006 شكل ملف التصويت الإلكتروني إحدى أهم الملفات المثيرة للجدل في "الماكنة" الانتخابية البحرينية بين الحكومة التي قاتلت باستماتة من أجل تطبيقه وبين المعارضة التي حشدت كل قواها لمواجهة المشروع.
ومنذ الإعلان عنه في منتصف 2006 كان التصويت الإلكتروني على رأس القضايا الخلافية بين الحكومة وقوى المعارضة، إذ كانت الجهات الرسمية تعتبر أن "مشروع التصويت الإلكتروني في الانتخابات إنجازناً تقنياً غير مسبوق للبحرين حظي بإشادة من مؤسسات الأمم المتحدة"، إلا أن المعارضة اعتبرت من جانبها أن "التصويت الإلكتروني بوابة سهلة للتزوير"، واستمر هذا الجدل وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين إلى حين التوجيه الملكي بعدم استخدام التصويت الإلكتروني.
ورغم الضمانات التي أعلنتها اللجنة المشرفة على الانتخابات فإن عدداً كبيراً من القوى السياسية الرئيسية رفعت مطالبة لجلالة الملك للمطالبة بإلغاء التصويت الإلكتروني، وساقت تلك الجمعيات عدداً من المبررات التي يغلفها التوجس من التلاعب في نتائج الانتخابات. واللافت أن الجمعيات السياسية القريبة من الحكومة هي الأخرى أبدت توجساً من تطبيق التصويت الإلكتروني. ورأت أنها "خطوة غير ضرورية لصغر حجم الكتلة الانتخابية في البحرين".
وفي سياق محاولة الدولة لتبديد مخاوف الجمعيات السياسية عقد وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة اجتماعاً قبيل الانتخابات مع ممثلي الجمعيات السياسية والحقوقية لعرض وجهة النظر الرسمية بشأن التصويت الإلكتروني. وأشار الوزير إلى ضمانات متعددة، وذكر الوزير أن" التصويت الإلكتروني سيكون مضموناً، وسيكون هناك (رصيد للصوت) لكل ناخب لوضعه في صندوق خاص (فور تصويته الإلكتروني)، لاستخدامه في عملية التدقيق عند تقديم الطعون أو إعادة الفرز، كما سيتم تحديد نسبة معينة كحد أقصى لاستخدام التصويت الإلكتروني، إضافة إلى استخدام الفرز اليدوي لبعض صناديق التصويت الإلكتروني التي سيجرى اختيارها عشوائياً لمزيد من الاطمئنان".
إلا أن ممثلي الجمعيات السياسية رفضوا مبررات الحكومة، وأعلنوا عن مواصلة التحشيد الإعلامي والجماهيري لرفض التصويت الإلكتروني، ليعلن وزير شئون مجلس الوزراء في 30 سبتمبر/ أيلول 2006 على حين غرة أنه تم رفع توصية للمدير التنفيذي للانتخابات بعدم اعتماد التصويت الإلكتروني في انتخابات 2006 واعتماد الآلية التي كانت متبعة في انتخابات 2002.
وقال الوزير"انه تقرر العمل خلال السنوات الأربع القادمة على تهيئة المجتمع والجمعيات السياسية على وجه الخصوص ومؤسسات المجتمع المدني لمواكبة التطور في هذا المجال أسوة ببقية دول العالم على أمل أن يحظى التصويت الإلكتروني بتأييد وتوافق تام بين الجميع". وأوضح الوزير أن التصويت الإلكتروني هو الخيار التقني القادم لا محالة لجميع الديمقراطيات في العالم وهو في ظل الاشتراطات الموجودة لضمان نزاهة ودقة التصويت الإلكتروني".
وكان الأمين العام للمؤتمر الدستوري (النائب المستقل حالياً) عبدالعزيز أبل قد شن هجوماً على مشروع التصويت الإلكتروني في سبتمبر/ أيلول 2006 وأوضح أن "الانتخابات ليست مجالا للتجربة، كما يحاول الجهاز المركزي للمعلومات تصويرها، محاولة منهم لفرض هذا النظام على شعب البحرين، خصوصا مع عدم وجود أي اتفاق بشأنه على المستويين الشعبي والرسمي".
وتابع أبل "لقد اطلعت عن كثب على تجارب الآخرين، و تقارير هيئة الإشراف على الانتخابات في الولايات المتحدة وبريطانيا خير دليل، فعلى رغم أن بريطانيا متقدمة تقنياً ومعرفياً ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بالبحرين في هذا الصدد، إلا أنها متريثة تماما".
وأضاف أن "بريطانيا قررت تطبيق التصويت الإلكتروني بشكل تجريبي على 8,1 ملايين ناخب في 2008 على أن يتم تدارس تطبيقه في 2010 حال نجاح التجربة، على رغم أن الكتلة الانتخابية الكبيرة هناك، إذ إن دائرة واحدة تعادل الكتلة الانتخابية كاملة في البحرين".
وقال أبل إن "الجهاز المركزي للمعلومات ليس لديه قانون يسمح له بتطبيق التصويت الإلكتروني داخل البحرين، وهو المأزق الذي يريد أن يخرج منه، وأما ما يخص من هم خارج البحرين، فكم عدد المقيمين هناك؟ وهذا سيثير الكثير من الجدل إذا تم تجاوز القانون" حسب تعبيره.
وقال أبل "هناك نصوص قانونية تتعلق بالسرية والمباشرة لا يمكن تجاوزها بتطبيق التصويت الإلكتروني، فأولاً: حينما يعيد عليك النظام بعد اختيارك للمرشح سؤال: هل أنت متأكد؟ هذا تعدٍّ على القانون، ففي الورقة لا يتم إيراد مثل هذا السؤال، فنحن لسنا بصدد برنامج "من سيربح المليون"، ويمكن الاستعانة بالجمهور أو صديق" وحذر أبل بأن" مسألة التصويت الإلكتروني ستأخذ أبعد مما يتصور الجهاز المركزي للمعلومات، سواء على المستوى القضائي أو على مستوى الاتحاد البرلماني الدولي".
ونظمت الحكومة منذ منتصف العام 2006 سلسلة من ورش العمل والإعلانات الترويجية للمشروع، فقد نظمت اللجنة المشرفة على الانتخابات منتدى موسعاً بشأن التصويت الإلكتروني بمشاركة سياسيين وتقنيين، وكشفت فيه عن إصدار كتاب توثيقي وحزمة برامج التصويت الإلكتروني مترجمة باللغات العالمية.
وقالت اللجنة إن" هذا الإصدار الأول من نوعه على مستوى العالم الذي يوثق التجربة الانتخابية مع جميع الأنظمة والتقنيات المستخدمة بصورة شاملة ويقدم مجاناً. وأشارت إلى أن هذا الإصدار يأتي كمساهمة من مملكة البحرين لدعم توصيات منتدى المستقبل نحو الإصلاح والديمقراطية، ويعد هذا الإنجاز ثمرة للمشروع الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك".
وذكرت اللجنة أن الجهاز المركزي للمعلومات قام بتوثيق جميع الأنظمة والتقنيات المستخدمة وتشمل أنظمة تحديد مراكز التصويت والتأكد من تسجيل الناخبين، ونظام تسجيل المرشحين وأخيراً نظام التصويت للناخبين، وتمت عملية التوثيق الفنية وفق المعايير العالمية، إذ تمت كتابة البرامج بشكل مرن يسهل للدول الأخرى الاستفادة منها من خلال إجراء التعديلات اللازمة وفق القوانين الانتخابية المتبعة لديها، وتمت مراجعة هذه الأنظمة من قبل خبراء شركة مايكروسوفت في أوربا وأميركا للتأكد من إتباعها لمعايير الجودة في كتابة التطبيقات"، ورغم مشاركة معارضين في المنتدى إلا إن الطرفين فشلا في الوصول إلى توافق بشأن تطبيق المشروع.
وكخطوة استباقية جددت جمعيات المعارضة منذ بداية العام الجاري 2010 رفضها التام لتطبيق التصويت الإلكتروني في انتخابات 2010 وحملت المبررات السابقة ذاته، إلا أن الحكومة التزمت الصمت و لم تعلن موقفاً رسمياً حتى الآن بشان عزمها استخدام التصويت الإلكتروني من عدمه، غير أن الجدل القديم - الجديد لا يزال مستمراً وسيبقى كذلك لحين ساعة الحسم: "التصويت الإلكتروني: ريادة تقنية للبحرين أم نافذة للتحكم بالانتخابات؟".