-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
تقليص الدوائر الانتخابية البلدية
«البلديون» يتأرجحون بين التأييد والمعارضة
تتزايد الأحاديث هذه الأيام عن توجه الحكومة إلى تقليص الدوائر الانتخابية البلدية ومساواتها بالنيابية في جميع المحافظات، لأسباب يرى البعض أنها طائفية وآخرون يعتقدون أنها ستخلخل التركيبة السكانية في المناطق. في السابق شكا البلديون من توزيع الدوائر غير العادل، حتى ان أحدهم دعا إلى تقسيم المحافظة الشمالية إلى محافظتين تضم المحافظة سادسة المنطقة الغربية، نظراً للكثافة السكانية العالية في الأخيرة وتردي المرافق الخدمية فيها، بينما انتقد أعضاء بلديون التوزيع غير العادل في الجنوبية والتعامل مع المحافظات الأخرى بموازاتها.
وفي الطرف الآخر، نجد بلديين يؤيدون بشدة فكرة التقليص لمد جسور التعاون بين أعضاء البلديات والنواب، ومن بينهم من أيد بشروط.
«الوسط» فتحت باب الحديث في هذا الموضوع، وسعت إلى عرض رأي الطرفين المعارض والمؤيد من البلديين، بغية الوصول إلى نقطة التقاء تبلور وجهة نظرهم في سياق التقرير الآتي:
التقليص من اختصاص المشرعين
نائب رئيس مجلس بلدي الشمالية جواد فيروز، شدد على ضرورة أن تناط صلاحية تقليص الدوائر الانتخابية البلدية بالسلطة التشريعية وليس بأية جهة أخرى، كما من المفترض أن تستشف الحكومة رأي وزارة شئون البلديات والزراعة والأجهزة التنفيذية وأعضاء المجالس البلدية والمؤسسات الأهلية ومن بينها الجمعيات السياسية وكذلك الأهالي، لمعرفة ما إذا كانت هناك حاجة إلى إعادة رسم الدوائر البلدية أم لا، موضحاً عدم تحديد الأسباب الداعية إلى ضرورة إعادة توزيع الدوائر البلدية، كما لم يوجد حتى الآن شكاوى حقيقية ومطالبات جادة لإعادة رسم هذه الدوائر. وتمنى فيروز عند إعادة رسم الدوائر، مراعاة الثقل السكاني والحاجة إلى الخدمات البلدية وتحسين البنى التحتية، فمن المفترض أن يكون لكل مواطن صوت كمعيار أول، وتحسين الخدمات العامة على مدى المساحة الجغرافية كمعيار آخر.
وعبر نائب رئيس المجلس، عن استغرابه من إشاعة مسألة إعادة رسم الدوائر البلدية على غرار النيابية، معتقداً أن ذلك إذا تم فسيقع الضرر الكبير على الكثير من الدوائر وخصوصاً في محافظتي الوسطى والشمالية، إذ ستمحى بعض الدوائر من الوجود وهي تحتوي على الكثير من القرى وتحتاج إلى الكثير من الخدمات، وسيتطلب تفرغ عضو بلدي خاص لمتابعة طلباتها واحتياجاتها. وأضاف «على سبيل المثال على طول شارع زيد بن عميرة هناك قرى الهملة ودمستان وكرزكان والمالكية وصدد وشهركان ودار كليب، وفي هذه المنطقة تبلغ الكثافة السكانية أكثر من 45 ألف نسمة، وهي حالياً موزعة ضمن دائرتين بلديتين، فهل يعقل أن تدمجا ضمن دائرة واحدة ويكون لها ممثل واحد على غرار ما هو حاصل في النيابي؟ فهذا إجحاف كبير بحق هذه المنطقة، وهي تعاني النقص في الكثير من البنى التحتية والخدمات العامة، فالعضوان الحاليان على رغم ما بذلاه من جهد وإخلاص في العمل لم يتمكنا من تحقيق كل المتطلبات الخدمية المرجوة لمناطقهم لأن المطلوب منهم كثير، وهناك حالات مشابهة في الوسطى».
رسم الدوائر سلاح ذو حدين
من جهته، رأى عضو مجلس بلدي المنامة ممثل الدائرة الرابعة محمد عبدالله منصور، أن فكرة إعادة رسم الدوائر أو محاولة مقارنتها مع الدوائر الانتخابية النيابية تعتبران سلاحاً ذا حدين، الأول إيجابي إذا كانت هناك دراسة قائمة على معايير واضحة يشترك في وضعها الحكومة وممثلو الأهالي، حتى يتم الاطمئنان على أن الاتجاه في التعديل يصب في صالح مختلف الأطراف.
والثاني سلبي إذا رسمت الدوائر في أجواء غامضة، ولا توجد فيها أية مشاركة للشعب لإبداء وجهة نظره، وهنا ينظر إلى المصلحة الحكومية فقط، مشيراً إلى أنه في ضوء ذلك لا يستغرب التوجس والتخوف من قبل الناس، فصحيح أن الدائرة عندما تتسع ستشكل عبئاً على العضو البلدي، إلا أن العضو سيتمكن من خلال تعاونه مع فريق منطقته من إدارة دائرته بشكل جيد، مبيناً (منصور) أن لديه لجنتين تنسيقيتين في كل من السنابس وكرباباد واتصاله يكون مباشراً بهما لتوفير احتياجات المنطقتين.
تقليص بشروط
وأعلن عضو مجلس بلدي المحرق صلاح الجودر، تأييده لتقليص منطقة الحد ليكون ممثلها شخصاً واحداً، وأن تكون عراد دائرة واحدة بدلاً من اثنتين، وأن تبقى الدير، سماهيج وقلالي على ما هي عليه، وأن تكون البسيتين دائرة واحدة، أما باقي الدوائر فتدمج بحسب التوزيع النيابي.
مراعاة العدالة والمساواة
أما عضو مجلس بلدي الوسطى ممثل الدائرة الأولى عباس محفوظ، فأفاد بأن التقليص والدمج من ناحية المبدأ لا توجد بهما مشكلة إذا ارتبطا بالعدالة والمساواة في التوزيع، على أن يكون الثقل الانتخابي والتمثيل النسبي يحققان العدالة ويتطابق مع الموازين المعمول بها في الدول الديمقراطية، كما يجب ألا يتم تجزئة المنطقة الواحدة حتى لا يؤثر ذلك على التجانس والتركيبة السكانية، إذ تسبب هذا الأمر سابقاً في الكثير من الإرباك في بعض الدوائر البلدية، لأنها مرتبطة بالخدمات مباشرة. وألمح محفوظ إلى أن تجزئة الدائرة لأكثر من عضو، ستتعارض مع الأولويات سواء في المجلس الواحد أو أولويات الوزارات الخدمية فيما يتعلق بالدوائر، وما عدا ذلك فإنه لن تكون هناك مشكلة، مطالباً بالابتعاد تماماً عن حسبان البعد الطائفي والتركيبة الديمغرافية المذهبية في التوزيع.
14 دائرة للشمالية
إلى ذلك، قال عضو مجلس بلدي المنامة ممثل الدائرة الثالثة صادق رحمة: إن «هذا الأمر لن يخدمنا، وأستشهد في كلامي بالدائرة الأولى في الشمالية التي بها 25 مجمعاً وما يقارب الـ 30 ألف نسمة، في حين من المفترض أن تصل عدد الدوائر في الشمالية إلى 14 دائرة وكذلك في العاصمة والوسطى، فتقليل عدد الدوائر سيزيد من أعباء العضو البلدي، وسيجعله غير قادر على الاتصال بأهالي دائرته الواسعة». وأردف «المنامة تعاني من تردي الخدمات في نواحي الشوارع والإنارة وغيرها، والعضو مهما بذل من جهد فإن المتطلب منه سيكون أكبر من طاقته. لذلك، ستكون إنجازاته غير ملموسة، فعلى سبيل المثال بذلنا جهوداً كبيرة في سادسة المنامة ولكن مستوى الخدمات التي نفذت بسيطة ولا تلبي حاجة الدائرة، وقرية الصالحية أقرت منذ العام 2004 للتطوير وإلى الآن لم يتم تطوير شوارعها، وكذلك البرهامة التي تعاني من وجود الزرائب فيها وعدم رصف شارعها الرئيسي».
إيجاد أساس للدمج ضرورة
وذكر عضو مجلس بلدي المحرق حسين عيسى، أن هناك مجمعات إذا فصلت جغرافيّاً سيؤدي ذلك إلى ذوبان بعض الدوائر في الأخرى من دون أن يشعر الأهالي باختلاف الخدمات، وبناء عليه فهو يتطلع إلى إيجاد أساس واضح للدمج، وأن يكون الدمج مواكباً لإصدار القانون المعدل لإعطاء صلاحيات للعضو البلدي. وتحدث حسين، عن علامة استفهام كبيرة لا يمكن أن يبررها عقلياً، وهي دمج قلالي مع منطقة المحرق سوى أنها إجراء طائفي، مجدداً دعواه إلى أن يكون هناك أساس واضح للدمج يمكن من خلاله التعامل في المستقبل.
وسأل «إذا كان هناك تقليص في الدوائر فهل ستقابله زيادة في الصلاحيات؟ إذ تم طرح تعديل على قانون البلديات والحكومة بصدد الأخذ به، في الوقت الذي قامت فيه جمعية الوفاق بطرح قانون بديل».
تزايد تذمر الأهالي
من جانبه، نقل نائب رئيس مجلس بلدي المحرق مبارك الجنيد رأيه لـ «الوسط»، قائلاً: «أنا لا أؤيد إعادة رسم الدوائر البلدية، فممثلو الدوائر النيابية مختصون بسن التشريعات و الأنظمة، أما ممثلو الدوائر البلدية فهم متصلون بالخدمات، لذلك أقترح أن تبقى الدوائر البلدية على ما هي عليه، فالأهالي يتذمرون حالياً من الأعضاء البلديين، وسيزداد تذمرهم مع إعادة رسم الدوائر البلدية».
الدائرة الكبيرة لا تشكل عبئاً
وفي المقابل أبدى نائب رئيس مجلس بلدي المنامة طارق الشيخ، تأييده للدمج على اعتبار أنه سيتم تفعيل التعاون بين العضوين البلدي والنيابي، فبعض النواب تقع دوائرهم بين ثلاث دوائر بلدية، لافتاً إلى أن حجم الدائرة وعدد سكانها لا يمثلان عبئاً على العضو البلدي، إذا كان هناك كادر ذو كفاءة يقوم بتلبية طلبات الأهالي، فالعضو البلدي غير تنفيذي. وبخلاف توجه الشيخ، أشار عضو مجلس بلدي الشمالية ممثل الدائرة الثامنة محمد علي سلمان، إلى أن ربط الدوائر البلدية بالنيابية فكرة غير جيدة، متطلعاً إلى إعادة النظر في دوائر المحافظة الشمالية وزيادتها بدلاً من تقليصها، فالمنطقة الغربية لا يمكن تكليف عضو واحد بتولي مسئوليتها.
وأضاف «لا أرى أن هناك جدوى من مساواة الدوائر البلدية بالنيابية، فبدلاً من التحرك لتقليص الدوائر يجب إعادة النظر فيها، إذ لا يمكن الاعتماد في لجان المجلس البلدي على ستة أعضاء مستثنى منهم رئيس المجلس، مثلما هو الحال بالنسبة إلى الجنوبية لأن كل لجنة بحاجة على الأقل إلى ثلاثة أشخاص». وفي الإطار نفسه نوه عضو مجلس بلدي المنامة ممثل الدائرة الأولى عبدالعزيز، إلى صعوبة تقليص الدوائر بالنسبة إلى البلديين، لأن العضو في دائرته حالياً غير قادر على تلبية احتياجات ناخبيه، فكيف سيكون حاله بعد أن يتم تكليفه مسئولية دائرتين؟ ناصحاً بعدم دمج دائرتين في دائرة واحدة لمصلحة المواطنين والمناطق.
المعادلة غير عادلة
وتواصلاً مع ما جاء، علق عضو مجلس بلدي الوسطى ممثل الدائرة الثانية على الموضوع بقوله: «توزيع الدوائر البلدية بما يوازي النيابية غير عادل من عدة نواح، منها وجود الإشكالات السابقة التي أثيرت بشأن توزيع الدوائر النيابية وعدم مراعاة الكثافة السكانية والجغرافية، وهو ما سينعكس على الدوائر البلدية، كما أنه من المحتمل أن يحصل تفتيت لبعض القرى من بينها الدائرة الثانية التي ستلحق بعض مجمعاتها بمنطقة الرفاع، إذ سبق أن أخذت مدينة زايد خلال توزيع الدوائر البلدية وألحقت بالرفاع، وأصبح للمنطقة أكثر من نائب ما يجعل المواطن في حيرة كبيرة في من يمثله من النواب». ونبه العالي إلى احتمال آخر، وهو أن يكون ممثل الدائرة البلدية بعد توزيعها من خارج المنطقة، ما سيخلق ابتعاداً في التواصل، إلى جانب أن إشرافه على المنطقة سيكون ضعيفاً، فضلاً عن الإشكالات السياسية التي قد تنشأ في مسألة توزيع المناصب السياسية وغيرها.
الوسط - أحمد الصفار
بتاريخ: 29-4-2006