يستضيف قصر "غران باليه" في باريس معرضاُ بمناسبة مرور مئة عام على وفاة الرسام والنحات الفرنسي الشهير أوغست رودان يسلط الضوء على التأثير الكبير للفنان على نحاتي القرن العشرين.
ويضم المعرض نحو مئتي منحوتة ورسمة للفنان وهو يقام لمناسبة الذكرى المئوية لوفاته، بين 22 مارس/ آذار الجاري و31 يوليو/ تموز المقبل ويسعى إلى تجديد النظرة إزاء فنان حصد إعجاباً كبيراً في عهده لكونه بث الحياة في فن النحت.
ويبيّن المعرض الحس الابتكاري الكبير للنحات الفرنسي خصوصاً من خلال ممارسته فن القص واللصق (الكولاج).
ويضم المعرض أيضاً منحوتات من القرن العشرين أو أخرى معاصرة تعكس الأثر الكبير لأوغست رودان لدى الفنانين من معاصريه.
الجحيم
وتمثل تحفة النحت التي تحمل عنوان "باب الجحيم" والمستوحاة من ملحمة "الكوميديا الإلهية" لدانتي ومجموعة "أزهار الشر" الشعرية للفرنسي شارل بودلير، أحد أكبر أعمال رودان الذي عمل على إنجازها لفترة تقرب من عشرين عاماً.
وتتفرع من هذا العمل الضخم الذي أنجزه رودان لحساب الدولة الفرنسية في العام 1880، مجموعة منحوتات شهيرة بينها "المفكر" و "القبلة". وانتظر رودان حتى العام 1900 خلال المعرض الدولي في باريس لعرض عمله الضخم أمام العامة.
الجص
وعلى غرار جميع النحاتين الكبار في زمنه، لم يكن رودان يحفر في الرخام. ويحب فنانون كثر أن يعكسوا هذه الصورة عن أنفسهم حاملين الإزميل في اليد أمام كتلة صخرية. وفي الواقع، هذه المهمة المضنية محصورة بحرفيين متخصصين أو بتلاميذه مثل كونستانتان برانكوزي أو بورديل. أما رودان فكان يصنع قوالب الطين ويحضر مجسمات عدة من الجص تقدّر بالعشرات أحياناً، إذ صنع مثلا 43 تمثالا نصفيا لرئيس الوزراء الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى جورج كليمنصو، ما كوّن لديه مجموعة كبيرة من الأشكال استخدمها في وقت لاحق.
هذه المجسمات من الجص التي كانت تمثل مرحلة انتقالية قبل تحويلها إلى منحوتات برونزية، كان رودان يعرضها طوعا مع شوائبها.
أعمال غير ناجزة
وبالنسبة لرودان، "لا يمكن صنع عمل ناجز أبدا" وهو يركز على هذا العامل. فهذا المولع بجمع التحف القديمة كان يرى أن "أي قطعة ينقصها أمر ما تبقى أجمل في حال تركت على حالها" بحسب أنطوانيت لو نورمان رومان إحدى مفوضتي المعرض مع كاترين شوفيو مديرة متحف رودان.
ويضم المعرض مجموعة كبيرة تجريبية من أعمال رودان بعد الحرب العالمية الثانية بما يشمل رسوماً لنساء موضوعة على مزهريات قديمة وتصنيع قوالب عن بُرنس الكاتب الفرنسي اونوريه دو بالزاك.
كذلك كان أوغست رودان "عاشقاً للمرأة" وانعكس هذا الأمر برؤيته الجمالية للجسد الأنثوي. وتشير كاترين شوفيو إلى أن "الجانب الإباحي لديه كان صادماً للغاية في تلك الحقبة"، في إشارة إلى أعمال مثل "المرأة الجاثمة" أو "صدر أديل".
وظهر هذا الشغف في تصوير الجسد خصوصاً في نحو 2300 رسم لنساء عاريات بعضها يتسم بجرأة كبيرة.
ورثة فنيون
وتحول أوغست رودان رمزاً لفنانين كثيرين يعتبرونه قدوة لهم على رغم تقديمهم أعمالاً مختلفة، بينهم النحات السويسري ألبرتو جاكوميتي.
كذلك ثمة انتساب واضح لخط أوغست رودان من فنانين كثيرين بينهم جان فوتريييه وجيرمان ريشييه وكونينغ، وفق كاترين شوفيو، وأيضا مع فنانين ألمان من الجيل الجديد بينهم الألماني ماركوس لوبيرتز. ويقول لوبيرتز "أحب طريقته في تجزئة الأشياء وإعادة النظر في أعماله".