عرض الفيلم المصري "اشتباك" للمخرج محمد دياب في افتتاح تظاهرة "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي الخميس الماضي، وهي المرة الأولى التي تفتتح فيها هذه المسابقة بفيلم عربي.
وانطلقت الدورة التاسعة والستون من مهرجان كان مساء الأربعاء الماضي بفيلم "كافي سوساييتي" للمخرج الأميركي وودي آلن، بينما افتتحت تظاهرة "نظرة ما" التي انطلقت أول مرة في عام 1947 الخميس بهذا الفيلم الذي يطرح تساؤلات حول واقع مصر اليوم.
وصور الفيلم في مساحة اقتصرت على ثمانية أمتار مربعة خلال 26 يوما، وتدور احداثه كلها في شاحنة أمن مخصصة لنقل المعتقلين.
ولا تخرج الكاميرا من هذه الشاحنة، لكنها في بعض الأحيان تصور الشارع من داخلها، كما تراه عيون المعتقلين.
أما المعتقلون فعددهم عشرون، منهم الإسلاميون، ومنهم من ليسوا كذلك، إضافة إلى شبان غير مسيسين، ومعهم رجل شرطة لجأ للشاحنة هربا من قذف الحجارة وعلق فيها.
ويصور المخرج في هذا الفيلم مرحلة الاعتقالات وتظاهرات الشارع التي أعقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي العام 2013، لكن أحداثه تنطبق أيضا على الواقع المستمر حتى اليوم في مصر.
وسرعان ما تتحول الحافلة إلى ما يشبه المركب الغارق بكل من فيه، ويضطر الكل إلى سماع رأي الآخر.
كتب سيناريو الفيلم ثلاث عشرة مرة، بحسب المخرج، بسبب تلاحق الأحداث.
ويقول "التغيرات المتسارعة خلال السنوات الأخيرة كانت تجعل كل موضوع عن الثورة متجاوزا بسرعة. الموضوع الوحيد الذي وجدناه عن الثورة هو فشلها. هذا بحد ذاته مدعاة للسخرية".
ويقول المخرج في الملف الصحافي الخاص بالفيلم "أريد للناس أن تشاهد فيلمي من دون أن تسأل إلى أي جهة انتمي، ويجب الانتباه كثيرا للكلمات في مصر، فمن يستخدم كلمة +انقلاب+ يحسب على الإسلاميين، ومن يستخدم كلمة +ثورة+ يحسب على العسكر".
من بين المعتقلين في الحافلة ممرضة تؤدي دورها نيللي كريم، وصحافي يؤدي دوره هاني عادل.
ويقول المخرج انه ارتكز في معالجته لقضية الصحافي على قصص حقيقية لصحافيين سجنوا مثل المصور المصري الكندي محمد فهمي الذي كان يعمل مع قناة الجزيرة ثم أمضى سنة ونصف السنة في السجن.
ومن بين المعتقلين في الفيلم أيضا مصور صحافي قصته مستوحاة من المصور محمد أبو زيد الملقب بشوكان الذي كان يصور التظاهرات، والمعتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات.
يقول المخرج "الصحافيون يعتبرون خونة من كل الأطراف، خاصة في ظل نظرية المؤامرة المتنامية في مصر".
ومما يلقي الفيلم الضوء عليه الصراع القائم بين جيل الشباب والجيل القديم داخل جماعة الأخوان المسلمين، والاختلافات بين المحازبين والمناصرين، والفرق بين الأخوان والسلفيين.
ومن المعتقلين من لا يتردد عن إعلان نيته الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بعد ما قتل والده في المعتقل.
حلقة العنف المفرغة لا تلبث أن تتنامى في المكان المقفل، هذا العنف الذي لا يقود إلا إلى مزيد من الفوضى والانقسام.
أراد المخرج أن يظهر الجانب الإنساني لكل من الشخصيات، ويقول "حتى وان كنت ضد إيديولوجية الإخوان المسلمين فانا أحاول أن أظهرهم كبشر، لا يمكن أن تفهم أحدا أن لم تعامله معاملة إنسانية".
ومحمد دياب من الجيل الشاب في السينما المصرية، عكف من البداية على التقاط أمراض المجتمع المصري، و"اشتباك" هو فيلمه الثاني بعد فيلم" نساء الباص 678" الذي التفت فيه سينمائيا إلى ظاهرة التحرش بالسيدات في مصر وقد لاقى هذا العمل نجاحا كبيرا في صالات العروض المصرية.